منتديات خالد عبدالناصر

منتديات خالد عبدالناصر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إذا كنت تحب السرور في الحياة فاعتن بصحتك، وإذا كنت تحب السعادة في الحياة فاعتن بخلقك، وإذا كنت تحب الخلود في الحياة فاعتن بعقلك، وإذا كنت تحب ذلك كله فاعتن بدينك.


    رحمة النبي " صلى الله عليه وسلم " فى التعامل مع المخطئ

    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    رحمة النبي " صلى الله عليه وسلم " فى التعامل مع المخطئ Empty رحمة النبي " صلى الله عليه وسلم " فى التعامل مع المخطئ

    مُساهمة   الثلاثاء يونيو 22, 2010 6:53 am



    رحمة النبي " صلى الله عليه وسلم " فى التعامل مع المخطئ




    إن الأخلاق الإسلامية هى عبارة عن مبادئ وقيم وقواعد منظِّمة لسلوك العبد المسلم، وهى تلك الشرائع التي يحدِّدها الوحي لتنظيم حياة العباد على نحوٍ يحقِّق الغاية من وجوده في هذه الدنيا على الوجه الأكمل والأتمِّ ليصل به إلى هدفه من العمل لآخرته.

    ويتميَّز ديننا الإسلامى وتشريعه في الأخلاق بميزتين:

    الأولى:

    أن النظام الإسلامى ذو طابع تشريعى إلهي، بمعنى أنه مراد الله " سبحانه وتعالى ؛ الذى شرعه ليتطبع به عباده المؤمنين بهذا التشريع .


    الثانية :
    أن النظام الإسلامى ذو طابع إنساني بحت ؛ بمعنى إن العبد له مجهود ودخل وتأثير كبير في تحديد هذا النظام التشريعى من الناحية العملية و العمليه أيضاً ، وهو نظام عمل العبد المؤمن من أجل الحياة الخيِّرة، التى تصل به إلى عمل الآخرة ؛ وهو السلوك وطريقة التعامل مع النفس والله والخلق أجمعين.

    وهذا النظام يتكامَل فيه كلا الجانبين سواء النظرى والعمل من ناحية العبد ، وهو ليس جزءًا من النظام الإسلامي العام، بل هو جوهر الإسلام ولبُّه وروحه السارية في جميع نواحيه؛ فإن النظام الإسلامي بصفة عامة مبنيٌّ على مبادئه الخُلُقية بين الخلق بصفة أساسية، بل إن الأخلاق هي جوهر الإسلام والرسالات السماوية ؛ فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنما بُعِثت لأتمِّم مكارم الأخلاق))، وأصل بعث النبى " صلى الله عليه وسلم" هو إتمام مكارم الأخلاق، والعمل على تقويمها، وإشاعة مكارمها، وهذا الهدف من كلِّ الرسالات هو أخلاقي بحت، والدين نفسه هو حسن الخلق.

    و جميع تلك القيم والفضائل الأخلاقيه التى حث عليها الدين الإسلامى وبعثت الرسل من أجلها ، لا تكون مدعاة للإعجاب والإكبار وسمو المنزلة، ورفعة الشأن، إلا إذا اقترنت بحسن الخلق ، وازدانت بجماله الزاهر، ونوره ، فإذا ما تجردت عنه فقدت قيمتها الأصيلة، وغدت صورا شوهاء تثير السأم والملل.
    لذلك كان حسن الخلق من أساسيات الفضائل ونظام عقدها، ومحور فلكها، وأكثرها إعدادا وتأهيلا لكسب المحامد والأمجاد، ونيل المحبة والاعتزاز.


    ولِمَا للأخلاق من أهمية نجدها في جانب العقيدة؛ حيث يربط الله عزوجل ورسوله " صلى الله عليه وسلم " بين الإيمان وحسن الخلق؛ ففي الحديث الشريف لما سُئِل الرسول: أي المؤمنين أفضل إيمانًا؟ قال: ((أحسنهم أخلاقًا)).

    وعلى الرغم من أن النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم " كان يُعرَف بين قومه من قبل البعث بالصادق الأمين، فقد إصطفاه الله سبحانه وتعالى لهذه الأخلاق التى أتصف بها ، فكان موصِّلاً أمينًا لصورة الأخلاق المطلوبة على وجه الأرض من قبل السماء، ولأن الأخلاق لا تظهر على حقيقتها إلا بالتعامل مع العباد والاحتكاك بهم، فقد أتضحت الأمثلة فى حياته " صلَّى الله عليه وسلَّم " أعظم مثل وقدوة على ذلك النظم التشريعى الهام ألا وهو الأخلاق وحسن المعاملة من الجانب العملي إلى خلق الله.

    قد إتضحت أخلاقه وتعاملاته " صلَّى الله عليه وسلَّم" مع المسلمين وغير المسلمين خاصة في الدعوة:

    1- مؤامرة لاغتيال النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    كان من أثر هزيمة المشركين في موقعة بدر أن استشاطوا غضبًا، وجعلت مكة تغلي ضد النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم " حتى تآمَر بطلان من أبطالها أن يقضيا على مبدأ هذا الخلاف والشقاق والذل والهوان في زعمهم إلا وهو النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم" .

    كان أو هذا ن البطلان هو (عمير بن وهب ) الذى عرف بشياطين قريش، وكان ممَّن يؤذي رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم " وأصحابه بمكة دائماً ،فلمَّا أُصِيب أصحاب بدر جلس مع ( صفوان بن أمية ) في الحِجْر بعد وقعة بدر بيسير، وكان ابنه ( وهب بن عمير ) في أسارى بدر، فذكر أصحاب القَلِيب ومصابهم، فقال صفوان: والله إنْ في العيش بعدهم خيرًا، قال له عمير: صدقت والله، أمَا والله لولا دَيْن عليَّ ليس له عندي قضاء، وعيال أخشي عليهم الضَّيْعةَ بعدي، لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإنَّ لي قِبَلَهم عِلَّةً؛ ابني أسير في أيديهم.

    فاغتَنَمَها صفوان وقال: عليَّ دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي، أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عمير: فاكتم عنِّي شأني وشأنك، قال: أفعل.

    ثم أمر عمير بسيفه فشُحِذ له وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم به المدينة، فبينما هو على باب المسجد ينيخ راحلته رآه عمر بن الخطاب - وهو في نفرٍ من المسلمين يتحدَّثون ما أكرمهم الله به يوم بدر - فقال عمر: هذا الكلب عدو الله عمير ما جاء إلا لشر.

    ثم دخل على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عمير قد جاء متوشحًا سيفه، قال: ((فأدخِله عليَّ))، فأقبل إلى عمير فلَبَّبَه بحَمَالة سيفه، وقال لرجالٍ من الأنصار: ادخلوا على رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم " فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث؛ فإنه غير مأمون، ثم دخل به، فلمَّا رآه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعمر آخِذ بحَمَالة سيفه في عنقه قال: ((أرسله يا عمر، ادنُ يا عمير))، فدنا وقال: أنْعِمُوا صباحًا، فقال النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم ":

    ((قد أكرمنا الله بتحية خيرٍ من تحيتك يا عمير، بالسلام؛ تحيَّة أهل الجنة)).

    ثم قال " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((ما جاء بك يا عمير؟))، قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا فيه، قال " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((فما بال السيف في عنقك؟))، قال: قبَّحها الله من سيوف، وهل أغنَتْ عنَّا شيئًا؟! قال " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((اصدقني، ما الذي جئت له؟))، قال: ما جئت إلا لذلك، قال " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القَلِيب من قريش، ثم قلت: لولا دَين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا، فتحمَّل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني، والله حائلٌ بينك وبين ذلك)).

    قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنَّا يا رسول الله نكذِّبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمرٌ لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم تشهَّد شهادة الحق، فقال رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((فقِّهوا أخاكم في دينه، وأقرِئُوه القرآن، وأطلقوا له أسيره)).

    وأمَّا صفوان فكان يقول: أبشروا بوقعةٍ تأتيكم الآن في أيامٍ تُنسِيكم وقعة بدر، وكان يسأل الركبان عن عمير، حتى أخبره راكبٌ عن إسلامه، فحلف صفوان ألاَّ يكلِّمه أبدًا، ولا ينفعه بنَفْعٍ أبدًا، ورجع عمير إلى مكة وأقام بها يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يديه ناس كثير.


    2- رفق النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم " بالشاب الذي يريد أن يزني:

    وذاتَ يومٍ دخَل شابٌّ على نبي الطُّهْرِ والفضيلة " صلَّى الله عليه وسلَّم " يستأذنه في أمرٍ جلل، فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا.

    أمر عجب، يستأذن أطهرَ البشر في صنع أرذل الخطايا، أمَا يستحي؟! أمَا يرعوي؟! لقد نالَه من الصحابة - رضوان الله عليهم - ما يتوقَّع لمثله من التقريع والتأنيب، يقول أبو أُمَامَة: فأقبَل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، وأمَّا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أدرك أن مشكلة الشاب وانحرافه لن يُقَوَّم بالزجر والوعيد والتقريع، فقال له: ((ادنه))، فدنا منه الشابُّ قريبًا فقال له: ((أتحبُّه لأمِّك؟))، فانتفض الشاب غَيْرَةً على أمِّه وقال: لا والله، جعلني الله فداءك، فقال له " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، ومضى النبيُّ يستثير كوامن الغَيْرَةِ الممدوحة في صدر الشاب: ((أفتحبُّه لابنتك؟))، فأجاب الشاب: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، فأجابه النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم " بمنطقية المربي: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم)).

    ثم جعل رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم " يستلُّ بحكمته ومنطقه دخَن قلبه، ويُطفِئ نار شهوته بتعداد محارمه: ((أتحبُّه لأختك... أتحبُّه لعمتك... أتحبُّه لخالتك؟))، هل تحب أن تراهُنَّ وقد تعرَّضن لمثل ما تريده من محارم الآخرين؟! فالناس يكرهون هذه الفعلة في محارمهم، كما كرهها هو في أهله.

    فلمَّا استبشع الشاب فِعلة الزنا طلب " صلَّى الله عليه وسلَّم " له سببًا آخر من أسباب الهداية يغفل عنه الآباء والمربُّون، ألاَ وهو دعاء الله الذي يملك أزِمَّة القلوب ومفاتيحها، فقال: ((اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه))، واستجاب الله له، يقول أبو أمامة: فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء.

    قصة بليغة تضمَّنت دروسًا متعدِّدة في التعامل مع المخطئ، أولها الدعاء له والحنوُّ عليه، والسماح له بالتعبير عن كوامنه، واستجاشة الخير الذي لا يخلو منه قلب خاطئ أبدًا، وفيها دعوةٌ لنا لنُراجِع أنفسنا، ونغيِّر من طريقتنا في التعبير عن ضجرنا من أخطاء أبنائنا وأصدقائنا، فالسبُّ والشتم الذي نكيله للمخطئين لن يكون سببًا في إصلاحهم وتهذيب سلوكهم وتعريفهم بأخطائهم.


    3- رفقه " صلَّى الله عليه وسلَّم " مع مَن تكلم في الصلاة:
    ولنتدبَّر موقفًا آخَر يقصُّه علينا معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - فقد دخل المسجد يومًا يصلي مع الصحابة خلف النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم "فعطس رجلٌ أمامَه، فشمَّته معاوية وهو يصلي، ولما كانت الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس استنكر الصحابة فعله، وهم في صلاتهم، يقول معاوية: "فحدقني القوم بأبصارهم"؛ لاستغرابهم من رجلٍ يتحدث وهو في الصلاة.

    لكن الموقف ازداد تعقيدًا حين استنكر معاوية أنظارهم، وجعل يقول لهم وهو في صلاته: "وا ثكل أمياه! ما لكم تنظرون إليَّ؟!"، فزاد استنكار الصحابة لكلامه في الصلاة، "فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم"، وأخيرًا فَهِم معاوية مرادهم: "فلمَّا رأيتهم يسكتونني سكتُّ".

    وحين انتهت الصلاة لنا أن نتخيَّل الأنظار وهي تتوجَّه إلى معاوية تلومه، ومثل هذا يتمنَّى كما يقولون لو تنشقُّ الأرض وتبتلعه قبل أن تلتهمه العيون بنظراتها العاتبة القاسية، الجميع يرقُب فعل النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم " مع هذا الرجل الذي جهل ما يعرفه أطفال المسلمين عن حرمة الصلاة وبطلانها بكلام الناس فيها.

    يقول معاوية: فلمَّا انصرف رسول الله دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبَّني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، قال " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)).


    4- رفق النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم " بِمَن بال في المسجد:
    وبينما النبي جالسٌ ذات يوم بين أصحابه في مسجده، إذ دخل أعرابي فصلى ركعتين ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((لقد تحجَّرت واسعًا))، ثم ما لبث أن عرضت له حاجته، فتنحَّى وتبوَّل في ناحيةٍ من المسجد، فثار إليه الصحابة ليقعوا به بسبب هذه الفعلة الشنيعة، وهو الذي دعا عليهم قبل قليل بالحرمان من رحمة الله، ثم هو لا يدرك حرمة المساجد! أمَا يدري أن طهارة المكان شرطٌ من شروط صحَّة الصلاة؟ كيف يجعل من ميدان الطُّهْرِ محلاًّ لقضاء حاجته؟!

    رأى النبي هبَّة الصحابة في وجه الأعرابي، وأدرك أن مثل هذا الأعرابي جاهِلٌ بأحكام المساجد، غير قاصد هتك حرمتها، فقال: ((لا تُزرِموه، دعوه))؛ وذلك حتى لا يتأذَّى بحبس بوله وانقطاعه، وأرشدهم إلى حلٍّ بسيطٍ تصغر بمثله كلُّ مشكلة مهما كبرت في عيون أصحابها، فقال " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((اريقوا على بوله سَجْلاً من ماء أو ذَنوبًا من ماء؛ فإنما بُعِثتم ميسِّرين ولم تُبعَثوا معسِّرين))، ثم لما أتَمَّ الرجل حاجته دعاه رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم "فقال له موجِّهًا وناصحًا:
    ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القَذَر، إنما هي لذكر الله " عزَّ وجلَّ " والصلاة وقراءة القرآن...)).

    وفي هذا الحديث: "الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء، إذا لم يأتِ بالمخالفة استخفافًا أو عنادًا، وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفِّهما لقوله: ((دعوه)).


    5- رفق النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم "بِمَن قال له: اعدل يا محمد:
    عن جابر بن عبدالله ( رضي الله عنه ) أن رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم " كان يقبض للناس في ثوب بلال يوم حنين يعطيهم، فقال إنسان من الناس: اعدل يا محمد، فقال " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((ويلك، إذا لم أعدل فمَن يعدل؟! لقد خبت وخسرت إن لم أعدل))، قال: فقال عمر - رضوان الله عليه -: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال " صلَّى الله عليه وسلَّم " معاذَ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابًا له يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإن له أصحابًا يحقِر أحدكم صلاته عند صلاتهم، وقراءته عند قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يخرجون على حين فرقة من الناس، يقتلهم أَوْلَى الطائفتين بالحق، آيتهم المخدج - يعني: ذا الثديَّة))
    فكان الأمر كما أخبر؛ فإن الرجل المذكور وأصحابه خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(رضي الله عنه ) بعد حرب صفين.


    6- رفق النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم "بالأعرابي الذي جذبه من ملابسه:
    في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم " وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجَبَذه جَبْذَة، حتى رأيت صفح أو صفحة عنق رسول الله " صلَّى الله عليه وسلَّم " قد أثَّرت بها حاشية البرد من شدَّة جَبْذَته، فقال: يا محمد، أعطني من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضَحِك ثم أمر له بعطاء.

    وفى "مسند البزار" وأبو الشيخ بسندٍ فيه ضعف: أنه " صلَّى الله عليه وسلَّم " جاءه أعرابي يومًا يطلب منه شيئًا فأعطاه " صلَّى الله عليه وسلَّم " ثم قال له: ((أحسنتُ إليك؟))، قال الأعرابي: لا، ولا أجملت، قال : فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفُّوا، ثم قام ودخل منزله وأرسل إلى الأعرابي وزاده شيئًا، ثم قال " صلَّى الله عليه وسلَّم ": ((أحسنتُ إليك؟)) قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا، فقال له النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((إنك قلتَ ما قلتَ وفي نفس أصحابي شيء من ذلك، فإن أحببت فقُلْ بين أيديهم ما قلتَ بين يدي؛ حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك))، قال: نعم، فلمَّا كان الغد أو العشي جاء فقال النبي " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟))، فقال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا، فقال " صلَّى الله عليه وسلَّم ":
    ((إن مثَلي ومثَل هذا الأعرابي كمثَل رجل كانت له ناقة شردت عليه، فاتَّبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحب الناقة: خلُّوا بيني وبين ناقتي؛ فإني أرفَق بها وأعلَم، فتوجَّه لها صاحب الناقة بين يديه، فأخَذ لها من قُمام الأرض، فردَّها هونًا حتى جاءت واستناخت، وشدَّ عليها رحلها واستوى عليها، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار)).



    أسألكم الدعاء بصلاح النفس






      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 8:29 pm