منتديات خالد عبدالناصر

منتديات خالد عبدالناصر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إذا كنت تحب السرور في الحياة فاعتن بصحتك، وإذا كنت تحب السعادة في الحياة فاعتن بخلقك، وإذا كنت تحب الخلود في الحياة فاعتن بعقلك، وإذا كنت تحب ذلك كله فاعتن بدينك.


    3 أعوام على الحسم العسكري لحماس

    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    3 أعوام على الحسم العسكري لحماس Empty 3 أعوام على الحسم العسكري لحماس

    مُساهمة   الثلاثاء يونيو 22, 2010 5:31 am


    3 أعوام على الحسم العسكري لحماس

    نعيش هذه الأيام مرور ثلاث سنوات على قيام حركة حماس بالسيطرة على قطاع غزة بشكل كامل، وتولي إدارة كافة المقرات والمواقع والأجهزة الأمنية والإدارية في القطاع، التي كانت تضم عناصر من حركة فتح تقدر بنحو 30 ألفًا، بما يعد إعلانًا على حسم الصراع في غزة لصالح حماس.



    وقد أوضحت حركة حماس في بيان أصدرته في 13 يونيو 2007م أن ما وصلت إليه الأوضاع في غزة هو ما كانت الحركة تتجنبه من اللحظة الأولى لفوزها في الانتخابات؛ حيث كانت حريصة منذ البداية على التوافق والشراكة كأساس لإدارة القضايا العامة للشعب الفلسطيني، لكن هناك من اعتبر الشراكة منقصة واعتزم إفشالها وسلك كل طريق لذلك"، في إشارة لرجل فتح القوي محمد دحلان.



    ثم طالبت حماس قيادات حركة فتح التاريخية الشريفة التي كانت تنظر إلى تصرفات هذه الفئة الباغية ولم تحرك ساكنًا أن تتحمل مسئولياتها، وتساهم في تخليص الشعب الفلسطيني من الويلات التي سببتها جرائم هذه الفئة المتصهينة، وأن يتم التعاون لتشكيل الأجهزة الأمنية وفق الأجندة الوطنية الفلسطينية.


    الأزمة من البداية

    شهد عام 2006م ولأول مرة انتقال القرار الفلسطيني من حركة فتح إلى حماس، وذلك عقب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 25 يناير 2006م، والتي شهد المراقبون الدوليون بنزاهتها، وقد جاء الفوز بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي بواقع 76 مقعدًا من أصل 132، بينما حصلت فتح على 43 مقعدًا فقط!



    وبناء على نتيجة الانتخابات قامت حركة حماس في نهاية مارس 2006م بتشكيل أول حكومة لها، وذلك بعد فشل مفاوضات مكوكية انتهت برفض كافة القوى والفصائل الفلسطينية المشاركة في حكومة ائتلاف وطني سعت حماس لتشكيلها.



    ومنحت الأغلبية المطلقة الثقة للحكومة الجديدة برئاسة إسماعيل هنية القيادي في حركة حماس بواقع 71 صوتًا.



    وبذلك استطاعت حركة حماس الحصول على الشرعية الدستورية بنجاحها الساحق في الانتخابات التشريعية الفلسطينية ومن قبلها الانتخابات البلدية، وذلك بعدما ثبتت أقدامها في ساحة الجهاد ضد العدو الصهيوني وأجبرته على الجلاء من قطاع غزة بلا رجعة، ومن ثَم فلم يعد يبقى لحركة حماس إلا الاعتراف الدولي بها كحركة تحرير وطنية وصلت إلى السلطة بالانتخاب لتقود الحكومة الفلسطينية.



    ولكن بسبب مبادئ حماس الرافضة للاعتراف باتفاقيات أوسلو القائمة التي تعترف بالوجود الصهيوني في فلسطين، تعذّر حصول الحكومة المنتخبة على الاعتراف الدولي -بل والإقليمي- ووُضعت الحركة وحكومتها تحت ضغوط داخلية وإقليمية ودولية، وتعرضت لحصار اقتصادي وسياسي خانق؛ فعقب يوم واحد من أداء اليمين الدستورية هدد رئيس السلطة الوطنية محمود عباس الحكومة المنتخبة باستخدام صلاحياته الدستورية بحلها إذا أصرت على موقفها الرافض للتفاوض مع الكيان الصهيوني والاعتراف به!!



    بل وصادر من الحكومة المنتخبة حق السيطرة على الأجهزة الأمنية والإعلامية والمعابر والحدود الفلسطينية!



    وبفعل الحصار وتردي الأوضاع الاقتصادية وتدهور أوضاع المواطنين في فلسطين إزاء عجز الحكومة عن دفع رواتبهم، سادت حالة من الفوضى في الشارع الفلسطيني وتطورت إلى رفع السلاح من أعضاء حركة فتح، واندلاع اشتباكات دموية بين مناصري فتح وحماس.



    وذلك في ظل ضغوط إقليمية شديدة؛ فمن ناحية الدول العربية رفض الأردن استقبال وزير الخارجية الفلسطيني في حكومة حماس محمود الزهار بعد يوم من رفض المسئولين المصريين استقباله، كما اتهمت الأردن حماس بإدخال أسلحة ومتفجرات وصواريخ للبلاد والتخطيط لضرب مواقع وأهداف أردنية.

    أمَّا من الجانب الصهيوني فقد جمدت سلطات الاحتلال مستحقات السلطة الفلسطينية البالغة 55 مليون دولار شهريًّا -كانت تُصرف لسلطة فتح-، وطالبت المجتمع الدولي بمحاصرة قيادات حماس وحكومتها سياسيًّا، ورفضت استقبال الأجانب الذين يلتقون بهذه القيادات.



    ثم قامت قوات الاحتلال الصهيوني بشن هجوم بري وجوي اختطفت خلاله 64 مسئولاً فلسطينيًّا بينهم ثمانية وزراء و21 نائبًا وعدد من رؤساء البلديات في مناطق الضفة والقطاع، تنفيذًا لتهديداتها بشل حكومة حماس.



    إضافة إلى العزلة السياسية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي على حكومة حماس المنتخبة، وأقر الكونجرس الأمريكي يوم 23 مايو 2006م قانونًا يمنع تقديم المساعدة للفلسطينيين، ويعتبر كل دعم مقدم لهم لا يمر عبر ما وصفها بالقنوات الشرعية والرسمية -سلطة فتح- إرهابًا أو مساندة له.


    حكومة الوحدة الوطنية

    بعد مرور عام من تشكيل حكومة حماس بكل ما شهده من حصار اقتصادي وسياسي خارجي، وضغوط من اللجنة الرباعية الراعية لما يسمى (خارطة الطريق)، والتي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وروسيا والأمم المتحدة، فضلاً عن العدوان العسكري الصهيوني على قطاع غزة واعتقال وزراء ونواب الحكومة، والتدهور الرهيب في العلاقة بين عناصر حركة فتح وحكومة حماس ليقترب الأمر من حافة الحرب الأهلية، وتهديد الرئيس محمود عباس بالدعوة إلى انتخابات مبكرة أو استفتاء لإقالة حماس.



    مع كل هذا التأزم والتصعيد على الساحة الفلسطينية، استطاعت حركة فتح وحكومة حماس من وضع حد للنزاع بينهم عن طريق التوقيع على اتفاق مكة في 8 فبراير 2007م بوساطة المملكة العربية السعودية.



    ونص الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحريم الدم الفلسطيني، ولم يشر بشكل مباشر إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني كما تطالب اللجنة الرباعية، واكتفى بالدعوة إلى احترام الاتفاقات الموقعة بين السلطة (السابقة) ومنظمة التحرير والكيان الصهيوني، مع العلم أن قيادة فتح والسلطة أصرت على كلمة التزام، فيما أصرت حماس على كلمة احترام.



    وبناء على الاتفاق كلف عباس رئيس الحكومة إسماعيل هنية بتشكيل أول حكومة وحدة وطنية فلسطينية تشمل 24 وزارة، وتضم أعضاء من حركتي فتح وحماس ومستقلين والكتل البرلمانية باستثناء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومقاطعة من حركة الجهاد الإسلامي مع تأكيد على دعمها ومساندتها للحكومة.



    وبعد اجتماعات بين هنية وعباس تخللتها عدة عقبات أبرزها الاتفاق على هوية الشخصية التي ستسند لها حقيبة وزارة الداخلية، تم الاتفاق على هاني القواسمي وهو شخصية مستقلة، وصوّت المجلس التشريعي بأغلبية ساحقة على منح الثقة لأول حكومة وحدة وطنية، وأعلن تشكيلها في 17 مارس 2007م.



    وقد لقيت الحكومة ترحيبًا عربيًّا، وأملاً في أن تضع حدًّا للنزاع الفلسطيني، ودفع عملية "السلام" في الشرق الأوسط، ومقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية لوزراء حماس وقصر اتصالاتها على الوزراء المنتسبين لفتح والمستقلين، أما الاتحاد الأوربي فقد رهن موقفه بأفعال الحكومة.



    بينما أعلنت دولة الكيان الصهيوني عدم اعترافها بالحكومة، وبأنها ستقصر اتصالاتها على الرئيس عباس، ودعت الدول الغربية إلى اتخاذ نفس الموقف.



    وبالطبع كانت النوايا مبيَّتة على نقض هذا الاتفاق؛ حيث كان واضحًا أن قرارًا صهيونيًّا اتُخِذ بالإطاحة النهائية بحركة حماس من أي حكومة فلسطينية مقبلة، ولم يبق على الأتباع في الداخل والخارج إلاّ التنفيذ!!



    فعادت الفوضى المسلّحة إلى شوارع الضفة والقطاع، وفشلت جهود القواسمي في إعادة الانضباط إلى قطاع غزة؛ مما دفعه لتقديم استقالته احتجاجًا على عدم منحه صلاحياته كاملة لإنهاء الفوضى الأمنية، وخصوصًا عقب تعيين الرئيس عباس لمحمد دحلان مستشارًا للأمن القومي الفلسطيني.



    وتصاعد التوتر بين عناصر فتح وحكومة حماس على خلفية تطبيق الخطة الأمنية التي وضعها رئيس السلطة ورئيس الحكومة لوضع حد للانفلات الأمني، والتوفيق بين الأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة والقوة التنفيذية التابعة للحكومة، التي اضطرت حماس لتكوينها من أبناء الحركة لتعزيز قدرتها على ضبط الأمن.



    وتعددت الاشتباكات الدموية بين الحركتين بعد أسابيع من إنشاء حكومة الوحدة الوطنية، وأعلنت فتح انسحابها منها، ولم تفلح الوساطات العربية والتحذيرات الدولية في وقف الاقتتال الداخلي الفلسطيني إلى أن اتخذت حماس قرارها باستخدام قوتها في السيطرة الكاملة على الوضع في قطاع غزة.



    الحسم العسكري بأقلام المحللين

    اتفق العديد من الكتّاب والمحللين على استحالة استمرار الوضع في فلسطين على الصورة التي كان عليها من تناحر وصل إلى حد الاقتتال ليس لهدف إلاَّ لعرقلة حكومة حماس وإفشال تجربتها، بما يوحي بـ"منطقية القرار" الذي اتخذته حركة حماس بحتمية إنهاء حالة الفوضى في قطاع غزة ولو بالقوة.



    ونذكر هنا ما كتبه الأستاذ فهمي هويدي في أكتوبر 2006م[1] حيث ذكر معلومات توفر لنا بعض المفاتيح التي تساعدنا على فهم خلفيات الصراع بين عناصر فتح وحكومة حماس:



    "تناقلت وكالات الأنباء تقريرًا مثيرًا حول الجهود الحثيثة التي تبذلها الولايات المتحدة لتعزيز الحرس الرئاسي الفلسطيني (في الوقت الذي تمارس فيه واشنطن ضغوطًا أخرى قوية لإحكام الحصار حول الشعب الفلسطيني وتجويعه). أشار التقرير إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية -في ذلك الوقت- كوندوليزا رايس ناقشت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء اجتماعيهما في رام الله ضرورة تحسين مستوى القوات الأمنية التابعة للرئاسة التي تتلقى تدريبات أمريكية، ومعدات أوربية، وأسلحة مصرية وأردنية. كما تحدث عن أنه بعد فوز حركة حماس في الانتخابات ارتفع عدد أفراد الحرس الرئاسي من 2500 عنصر إلى ما بين 3500 و4000. وتهدف الخطة الأمريكية الموضوعة إلى زيادة حجم تلك القوات بحيث تضم 6000 عنصر. وقد عرضت الولايات المتحدة 20 مليون دولار لتمويل التوسع في العدد ورفع كفاءة القوات، بحيث تقدم واشنطن نصف المبلغ، في حين يغطي النصف الآخر أصدقاء الولايات المتحدة في أوربا والعالم العربي.



    (وحسب التقرير فعملية التعزيز جارية الآن (أكتوبر 2006م) على قدم وساق، حيث يجرى الآن بناء معسكر للتدريب خلف أسوار أريحا في الضفة الغربية على مساحة تقدر بحوالي 16 فدانًا من المقرر الانتهاء منه بحلول يناير/ كانون الثاني القادم، وهناك اتجاه لإقامة معسكر آخر في غزة. لكن عملية التدريب وتعزيز الحرس الرئاسي بالسلاح لم تنتظر بناء العسكريين؛ لأن الأمريكيين يتولون عملية تدريب تلك القوات منذ بداية صيف هذا العام (2006م) في معسكر مقام بجوار أريحا على مساحة 1.2 فدان كما ذكر التقرير، الذي أشار إلى أن الولايات المتحدة "تفاهمت" مع السلطات الصهيونية بشأن السماح لقوات الحرس الرئاسي بتلقي أسلحة وذخائر جديدة من مصر والأردن.



    ويستدل الأستاذ هويدي بالصحافة الصهيونية: "فقد نشرت صحيفة هآرتس في 4 أكتوبر 2006م مقالة مهمة لمراسلتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، شددت فيها على أن هناك تحالفًا بين الكيان الصهيوني وبين المسئولين عن تنظيم الاحتجاجات على حكومة حماس. وقالت: إن كلاًّ من دولة الكيان ومنظمي عمليات الاحتجاج لهم هدف واحد هو: إزاحة حركة حماس عن الحكم؛ لأن ذلك من شأنه أن يسمح باستئناف المفاوضات "المضللة" مع السلطة، والتي توظفها دولة الكيان الصهيوني في التغطية على عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية إلى جانب عمليات القمع. كما شددت المراسلة على أنه مقابل ذلك يقوم العالم بدفع الأموال للشعب الفلسطيني لكي يغض الطرف عن ممارسات الصهاينة، وأكدت أن دولة الكيان هي المسئولة عن الأزمة المالية الخانقة في السلطة وليس حكومة حماس، فهي التي تقوم بفرض الإغلاقات والحصار وتسجن مئات الآلاف من الفلسطينيين في زنزانة كبيرة، إلى جانب سرقة أموال السلطة التي تجبيها لصالحها كضرائب على البضائع التي تستورد لمناطق السلطة".



    وعلى نفس النهج سار الكاتب إبراهيم حمّامي[2] الذي كتب تحت عنوان "سيناريو كان متوقعًا.. مواجهة شاملة لإفشال حماس":



    هذا ما تحاول بعض الأطراف الداخلية بمساندة أطراف إقليمية وعالمية جر الفلسطينيين إليه لقطع الطريق أمام أي نجاح لحركة حماس سيترجم على أنه نجاح لأول حركة إسلامية تصل للأغلبية البرلمانية في العالم العربي وإن كانت تحت الاحتلال، وبالتالي تحرك الجماعات الإسلامية الأخرى في دول المنطقة لتحذو حذو حماس معتمدة على رصيد شعبي كبير سيزداد حتمًا بنجاح حركة حماس.



    دعاة هذا التوجه لا يخفون أنفسهم، وتصريحاتهم تملأ وسائل الإعلام على اختلافها، سواء من دعوات أنه من العار المشاركة في حكومة حماس، أو بأن حماس تقود محاولة انقلابية على عباس، أو من خلال التوصيات الرسمية بعدم المشاركة أو المساندة للحكومة الجديدة.



    وأسلحة هذه الجماعة متنوعة، لكن يبقى السلاح الاقتصادي أهمها خاصة مع التهديدات المتكررة بوقف المعونات التي تكون الرافد الأساسي للسلطة ورواتب موظفيها، مما سيخلق حالة تذمر عام داخل المجتمع الفلسطيني، وأيضًا السيطرة الفتحاوية شبه التامة على أهم الوظائف والمراكز، وهو ما يمكن توجيهه بشكل تمرد غير معلن لإفشال جهود الإصلاح وتعطيل ومواجهة أي محاولة للتغيير.



    وخطورة هذا التوجه تكمن ليس في احتمالية تحول هذه المواجهة إلى صدام مسلح مباشر وحسب، إنما في إفشال الخيار الشعبي الديمقراطي الفلسطيني، وعودة مراكز الفساد والإفساد إلى مواقعها الأولى، وبشكل أعنف مما سبق تمارس فيه الإذلال المنظم والمبرمج على الشعب كله.



    وعن أسباب الاقتتال الفلسطيني كتب الأستاذ عبد الستار قاسم[3] موضحًا أن اتفاق "أوسلو" في الأساس هو ما يؤسس للاقتتال:



    "كان من المتوقع منذ اليوم الأول لتوقيع اتفاق أوسلو أن يحصل اقتتال فلسطيني، بل إن رسالة عرفات إلى رابين التي أرسلت قبل توقيع الاتفاق بعدة أيام تؤسس للاقتتال؛ لأنها تعهدت بمقاومة الإرهاب. نصت الرسالة "... وعليه فإن المنظمة تشجب استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وستتولى المسئولية على جميع عناصر المنظمة وموظفيها لضمان امتثالهم ومنع خرق هذا التعهد ومعاقبة خارقيه". لم تتحدث الرسالة عن الإرهاب الفلسطيني، لكنه لا يوجد أحد ظن أن الرسالة تتحدث عن الإرهاب في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا.



    أما اتفاق أوسلو فنص على: "وسيتم تنفيذ تدريجي للمزيد من إعادة التموضع في مواقع محددة بالتناسب مع تولي المسئولية عن النظام العام والأمن الداخلي من قبل قوة الشرطة الفلسطينية وفقًا للمادة 8 أعلاه". المادة 8 تتحدث عن الأمن والأمن الإجمالي الذي تتولاه السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.



    وكانت اتفاقية طابا أكثر وضوحًا وصراحة عندما تعهدت السلطة الفلسطينية بملاحقة الإرهاب والإرهابيين، وبعدم ملاحقة المتعاونين مع الكيان الصهيوني وعدم مساءلتهم!!



    هذه اتفاقات وتعهدات تضع الفلسطيني ضد الفلسطيني، وتحرض وتولد الكراهية والبغضاء بين الفلسطينيين، وقد حصل عمليًّا أن قامت السلطة الفلسطينية باعتقال مئات الفلسطينيين، وزجت بهم في السجون بلا سبب واضح ودون تقديمهم لمحاكمة.



    من شأن الاتفاقيات أن تزرع بذور الاقتتال في النهاية. صبرت حماس والجهاد الإسلامي كثيرًا على الاعتقالات التي تمت ضد عناصرهما، لكن لم يكن من المتوقع أن يطول هذا الصبر، خاصة بعد أن تتم مراكمة قوة كافية قادرة على مواجهة أجهزة الأمن الفلسطينية.



    وتم التحذير كثيرًا من خطورة المسألة، والآلام المنتظرة مستقبلاً نتيجة الاحتكاكات المباشرة وغير المباشرة. وقد حاول بعض المثقفين -كنت من بينهم- القول بأن الوفاق الداخلي الفلسطيني أهم بكثير من أي اتفاق يمكن أن يوقع مع دولة الكيان الصهيوني، لكن الآذان لم تكن مفتوحة.



    ويذكر الكاتب الفلسطيني عبد الستار قاسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية -التابعة لسلطة أوسلو-كمثال واضح:



    "الأجهزة الأمنية الفلسطينية المنبثقة عن الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، وهي مسئولة عن ملاحقة الإرهاب والإرهابيين، أي المقاومة الفلسطينية والمقاومين.



    وقد سبق للأجهزة الأمنية أن أعلنت عن إحباط عمليات استشهادية، وتفكيك معامل لصناعة المتفجرات، وسبق لها أن سلمت مجاهدين تابعين لحماس إلى الكيان الصهيوني!!



    ونقلت كمًّا هائلاً من المعلومات لأجهزة الأمن الصهيونية؛ ولهذا كانت القيادة الفلسطينية حريصة على تنصيب أشخاص لديهم إرادة تطبيق الاتفاقيات على رأس هذه الأجهزة.



    ولم يكن من المتوقع أن تعين القيادة الفلسطينية في قيادة الأجهزة الأمنية أناسًا يلتزمون بالمقاومة، ولم يكن لدولة الكيان أن توافق إلا على تعيين من تراهم مناسبين لأمنها. ولهذا فإن الأجهزة الأمنية ليست موجودة حقيقة للدفاع عن الأمن الفلسطيني، وإنما عن الأمن الصهيوني!!



    ولذا فإنه لا يمكن لرئيس السلطة الفلسطينية المؤيد لاتفاق أوسلو أن يتعاون أمنيًّا مع أي وزير داخلية فلسطيني يريد إقامة سلم أمني بمعزل عن اتفاق أوسلو. وإذا كان سيفعل، فإن عليه أولاً إقالة قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وفتح المجال أمام قادة جدد يؤمنون بضرورة تصحيح الأوضاع الأمنية الفلسطينية.



    ونختم بما جاء في مقال الكاتب الكبير فهمي هويدي[4] أنه في يوم 14 يونيو 2007م نشرت صحيفة "يونجافليت" الألمانية تقريرًا لمعلقها السياسي فولف راينهارت قال فيه: إن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش خططت منذ فترة طويلة لتفجير الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وتحريض تيار موال لها داخل فتح على القيام بتصفيات جسدية للقادة العسكريين في حركة حماس.



    وقد تحدث في هذا الموضوع صراحة الجنرال كيث دايتون مسئول الاتصال العسكري الأمريكي المقيم في تل أبيب، في جلسة استماع عقدتها في أواخر مايو الماضي لجنة الشرق الأوسط بالكونجرس الأمريكي.. وفي شهادته ذكر الجنرال دايتون أن للولايات المتحدة تأثيرًا قويًّا في تيارات حركة فتح كافة، وأن الأوضاع ستنفجر قريبًا في قطاع غزة، وستكون عنيفة وبلا رحمة..



    وقال: إن وزارة الدفاع الأمريكية والمخابرات المركزية ألقيتا بكل ما يملكان من ثقل، في جانب حلفاء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني داخل حركة فتح. كما أن تعبئة الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية ضد حماس، يمثل خيارًا استراتيجيًّا للإدارة الأمريكية الحالية. وهو ما يفسر أن الكونجرس لم يتردد في اعتماد مبلغ 59 مليون يورو لتدريب الحرس الرئاسي في بعض دول الجوار، وإعداده لخوض مواجهة عسكرية ضد حركة حماس.



    وأضاف المعلق السياسي للصحيفة الألمانية أن التيار الأمريكي الصهيوني داخل فتح لم ينجح رغم كل الدعم السخي الذي قدم إليه في كسر شوكة حماس. وهو ما دفع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى استدعاء خبرتها السابقة في جمهورية السلفادور، وتوجيهها للعناصر "الفتحاوية" المرتبطة بها لتشكيل فرق الموت لاغتيال قادة وكوادر حماس، وتحدث راينهارت في هذه النقطة عن خيوط كثيرة تربط بين فرق الموت والحرس الرئاسي الفلسطيني والمستشار الأمني النائب محمد دحلان، ونسب إلى خبيرة التخطيط السياسي بالجامعات الصهيونية "د.هيجا ياو مجارتن" قولها: إن دحلان مكلف من وكالة المخابرات المركزية وأجهزة أمريكية أخرى بتنفيذ مهمة محددة، هي تصفية أي مجموعات مقاومة للكيان الصهيوني داخل وخارج حركة حماس.



    ثم يأتي الأستاذ هويدي بمعلومات أخرى عن خطاب وجهه في 10 يناير 2007م رئيس الوزراء الفلسطينى إسماعيل هنية إلى رئيس السلطة أبو مازن، نصها كما يلي: نهديكم أطيب التحيات، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد. لقد توافر لنا بعض المعلومات في الآونة الأخيرة، تشير إلى خطة أمنية تهدف إلى الانقلاب على الحكومة والخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني. ويمكن إيجاز هذه المعلومات في النقاط التالية:



    - إدخال كميات ضخمة جدًّا من السلاح لصالح حرس الرئاسة، من بعض الجهات الخارجية، بمعرفة ومباركة من أمريكا والكيان الصهيوني.



    - تشكيل قوات خاصة من الأمن الوطني تقدر بالآلاف لمواجهة الحكومة الفلسطينية والقوة التنفيذية واعتماد "مقر أنصار في غزة" مقرًّا مركزيًّا لها.



    - تجهيز هذه القوات بالسيارات والدروع والسلاح والذخيرة وصرف الرواتب كاملة للموالين.



    - عقد اجتماعات أمنية حساسة لعدد من ضباط الأمن الفلسطيني في مقر السفارة الأمريكية حيث تناقش فيها خطط العمل.



    - البدء بإجراءات إقالة لعدد من الضباط واستبدالهم بشخصيات أخرى، مع العلم أن لجنة الضباط هي المختصة بهذه الشئون، كذلك تعيين النائب محمد دحلان من طرفكم شفويًّا كقائد عام للأجهزة الأمنية، وفي ذلك مخالفة قانونية.



    - تهديد الوزراء ورؤساء البلديات بالقتل، حيث تم الاعتداء على الوزير وصفي قبها وزير الأسرى، وإعلامه عبر مرافقه أن الاعتداء القادم سيقتله.



    - وكذلك تم تكليف أحد مليارديري فتح من غزة بتصفية الوزير عبد الرحمن زيدان -وزير الأشغال والإسكان- مقابل 30 ألف دولار.



    الأخ الرئيس، بناء على ما سبق وغيره الكثير من المعلومات التي نمتلكها، فإننا نعبر عن بالغ أسفنا إزاء ما ورد، حيث إن ذلك يهدد النظام السياسي الفلسطيني، والنسيج الوطني والاجتماعي ويعرض القضية برمتها للخطر.



    نرجو منكم اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحماية شعبنا وقضيتنا، ونحن سنظل أوفياء وحريصين على وحدة الشعب ولحمته. واقبلوا وافر التحية.



    في الوقت الذي أرسل فيه السيد إسماعيل هنية هذا الخطاب إلى أبو مازن، كانت أمامه معلومات محددة حول بعض تفصيلات الإعداد للخطة الأمنية التي منها على سبيل المثال:



    - تعيين محمد دحلان قائدًا عامًّا للأجهزة الأمنية.



    - اختيار 15 ألف عنصر من الموالين، لتشكيل قوة خاصة في الأمن الوطني لمواجهة حماس.



    - دخول 150 سيارة جيب مزودة بأجهزة الاتصال اللاسلكي.



    - توفير 2000 مدفع كلاشنكوف، إضافة إلى ثلاثة ملايين رصاصة.



    - توفير الملابس الخاصة والدروع للقوة الجديدة.



    - إعادة بناء الأجهزة الأمنية كافة، وإقالة 15 من قادتها واستبدال آخرين موالين لهم.



    - إقالة 185 من ضباط الأمن الوطني لتنقية صفوف الجهاز من غير الموثوق في موالاتهم.



    وفي يوم 6 يونيو 2007م نشرت صحيفة "هآرتس" أن جهات في حركة فتح توجهت أخيرًا إلى المؤسسة الأمنية في الكيان الصهيوني طالبة السماح للحركة بإدخال كميات كبيرة من العتاد العسكري والذخيرة من إحدى دول الجوار إلى غزة؛ لمساعدة الحركة في معركتها ضد حركة حماس.

    وأضافت الصحيفة أن قائمة الأسلحة والوسائل القتالية تشمل عشرات الآليات المصفحة والمئات من القذائف المضادة للدبابات من نوع "آر.بي.جي"، وآلاف القنابل اليدوية وملايين الرصاصات.



    وأضافت الصحيفة أن دولة الكيان سمحت لفتح في السابق بتلقي كميات من الأسلحة شملت 2500 بندقية وملايين الرصاصات.. وقد تقرر إدخال الآليات المصفحة التي لا تعتبر سلاحًا يشكل خطرًا على الدولة العبرية.



    لكنها استبعدت الموافقة على طلب تلقي قذائف صاروخية؛ لخشيتها من أن تقع بيد حماس!!


    الحدث في كلمات

    الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على الحسم العسكري لحركة حماس لا يسعنا إلا أن نبدي إعجابنا بقوتها وبصلابتها الإيمانية والعسكرية؛ فما كان أحد يتوقع أن تصمد حماس في غزة، في مواجهة الجهاز الرهيب جهاز الأمن الوقائي الذي صرف النظام الدولي على تدريبه وتجهيزه مئات الملايين من الدولارات، ثم انهار في ساعات معدودات على أيدي مجاهدي كتائب القسام.



    وبعد الحسم جاء الدور على الصمود الأسطوري في وجه الحصار الظالم، البري والبحري، الذي لا يسمح بعبور أدنى مساعدة للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، ولو عبر الأنفاق من تحت الأرض!!



    ويجب أن نعلم أنه ما كان لغزة الصغيرة أن تصمد في مواجهة الحصار الخانق وفي مواجهة الحرب الوحشية الشاملة التي شنت عليها من قبل جيش ترتعد فرقًا منه دول المنطقة وجيوشها، لولا الالتحام الصميم بين عموم الشعب الغزي وبين قيادة حماس المنتخبة؛ لا لأن هذه بلا أخطاء وإنما لأنها تعيش عيشة الناس ومعهم في مخيماتهم ومساجدهم.



    إن صمود المؤمنين أهل الحق مهما كانت إمكاناتهم المادية متواضعة في مواجهة غطرسة القوة وعربدتها، أمر ممكن.



    إن حجارة الأطفال التي تطورت إلى صواريخ بدائية قد أمكن لها عندما عملت في أيدٍ تحركها قلوب عامرة بالإيمان والتصميم على المقاومة، أن تصنع ميزان قوة جديدًا؛ إذ السياسة فن تغيير موازين القوة وليس الخضوع لها.



    والنصر في النهاية قادم لا محالة، والله غالب على أمره.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 12:46 am