منتديات خالد عبدالناصر

منتديات خالد عبدالناصر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إذا كنت تحب السرور في الحياة فاعتن بصحتك، وإذا كنت تحب السعادة في الحياة فاعتن بخلقك، وإذا كنت تحب الخلود في الحياة فاعتن بعقلك، وإذا كنت تحب ذلك كله فاعتن بدينك.


    فقه الصلاة

    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    فقه الصلاة Empty فقه الصلاة

    مُساهمة   الثلاثاء أبريل 27, 2010 5:24 am

    22- الأذان والإقامة
    س126: ما هو الأذان؟ وما هي الإقامة؟
    ج: هو لغة: الإعلام. قال تعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، وفي الشرع: إعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه لفجر، والإقامة: إعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص فيها.
    س127: ما الأصل في مشروعيتهما من الكتاب والسُّنة؟
    ج: قوله تعالى: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الآية، وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ وأما الأدلة من السُّنة، فمنها ما يأتي قريبًا في مواضعه –إن شاء الله-.
    س128: في أي وقت كان ابتداء شرعية الأذان؟ واذكر الدليل على ما تقول.
    ج: قيل: إن أصح ما ورد في تعيين ابتداءه هو أنه عندما قدم المسلمون المدينة، لما ثبت عند البخاري ومسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح، والنسائي من حديث عبدالله بن عمر قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يومًا في ذلك، فقال بعضهم لبعض: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنًا مثل قرن اليهود، فقال عمر: ألا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله : «قم يا بلال فناد بالصلاة».
    س129: ما حكم الأذان والإقامة؟ وما دليل الحكم؟
    ج: فرض كفاية على الرجال المقيمين لللوات الخمس المفروضة والجمعة، لما ورد عن مالك بن الحويرث، أن البني  قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» متفق عليه، ولما ورد عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله  يقول: «ما من ثلاثة لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان» رواه أحمد.
    س130: ماذا يعمل مع أهل بلد تركوهما؟ بين الحكم مقرونًا بالدليل.
    ج: يقاتل أحد بلد تركوهما؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، وقد كان الغزاة في أيام النبرة وما بعدها إذا جهلوا حال أهل بلد أو قرية تركوا حربهم حتى يحضر وقت الصلاة؛ فإن سمعوا أذانًا كفوا عنهم، وإن لم يسمعوا قاتلوهم مقاتلة المشركين، ولما ورد عن أنس أن النبي  كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر إلينا؛ فإن سمع أذانًا كف عنهم وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم، قال: فخرجنا إلى خيبر، فلما انتهينا إليهم ليلاً فلما أصبح ولم يسمع أذانًا ركب وركبت خلف أبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم نبي الله ، قال: فخرجوا إلينا بملكاتلهم ومساحيهم، فلما رأوا النبي  قالوا: محمد والله محمد، والخميس فلجأوا إلى الحصن، فلما رآهم رسول الله  قال: «الله أكبر الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» متفق عليه.
    وعن عصام المزني قال: بعثنا رسول الله  في سرية، فقال: «وإذا رأيتم مسجدًا وسمعتم مؤذنًا فلا تقتلوا أحدًا» رواه الترمذي وأبو داود.

    س131: ما صفة الأذان؟ وكم هو من جملة؟ بين ذلك مع ذكر الدليل.
    ج: الأذان خمس عشرة جملة في غير الفجر، يكبر أربع تكبيرات، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، وأشهد أن محمدًا رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، ويقول: الله أكبر مرتين ولا إله إلا الله مرة، ويزيد في الفجر بعد قوله حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم مرتين، فيكون أذان الفجر سبع عشرة جملة.
    عن عبدالله بن زيد قال: «لما أجمع رسول الله  أن يضرب بالناقوس وهو كاره له لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائف وأنا نائم، رجل عليه ثوبان أخضران، وفي يده ناقوس يحمله، قال: فقلت: يا عبدالله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت: تدعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله»، قال: ثم استأخر غير بعيد، قال: ثم تقول: إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله  فأخبرته بما رأيت، فقال رسول الله : «إن هذه الرؤيا حق إن شاء الله» ثم أمر بالتأذين فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله  إلى الصلاة، قال: فجاء فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله  نائم، فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم، قال سعيد بن المسيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر» رواه أحمد.
    وعن أنس قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة» رواه الجماعة، وعن أبي محذورة قال: قلت: يا رسول الله، علمني سُّنة الأذان فعلمه، وقال: «فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله» رواه أبو داود وأحمد.
    س132: بين معاني ما يلي من الكلمات: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الشفع، الوتر، الترسل، الحدر.
    ج: أشهد أن لا إله إلا الله: معناها أعلم أن لا إله إلا الله، وأبين أن لا إله إلا الله؛ ولهذا سميت الشهادة بينة، وقلو الله عز وجل: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ معناه: بين الله ذلك، وأعلم أن لا إله إلا هو، وشهد الشاهد بالحق عند الحاكم معناه بين للحاكم وأعلمه ما عنده من الخير، أشهد أن محمدًا رسول الله معناها أيضًا: أبين وأعلم، والرسول معناه في اللغة: الذي يتابع الأخبار من الذي بعثه، أخذًا من قولهم: جاءت الإبل رسلاً، أي متتابعة. قال الأعشى:
    يسقي رياضًا لها قد أصبحت عرضًا
    زورًا تجانف عنها القود والرسل

    والقود: الخيل، والرسل: الإبل المتتابع. قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، اسم فعل معناه: هلموا إليها وأقبلوا عليها، وعلى هاهنا بمعنى: إلى، أي هلم إلى الصلاة، والحيعلة حكاية. قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، قال الشاعر:
    ألا رب طيف منك بات معانقي إلى أن دعا داعي الصباح فحيعلا
    ونظيرها في الكلام، البسملة والحوقلة إذا قال بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال الشاعر:
    لقد بسملت ليلي غداة لقيتها
    فياحبذا ذاك الحديث المبسمل

    وزاد بعضهم: السبحلة والحمدلة حكاية قول سبحان الله والحمد لله وزاد بعض المتأخرين الطيلقلة والدمعزة حكاية قول القائل أطال اله بقاءك، وأدام عزك، وزاد بعضهم: الجعفلة حكاية قول القائل: جعلت فداك،
    الفلاح الفوز والبقاء، أي هلموا إلى العمل الذي يوجب البقاء والخلود في الجنة، وقول الصلاة خير من النوم، يسمى التثويب من ثاب إذا رجع وثوب الداعي إذا كرر ذلك؛ لأن المؤذن دعا إلى الصلاة ثم عاد إليها، ويقال: تاب إليه عقله، أي رجع إليه، وأنشدوا في ذلك:
    وكل حي وإن طالت سلامته
    يومًا له من دواعي الموت تثويب

    الشفع: الزوج، يقال: شفعت الشيء إذا ضممت إليه مثله، والمراد أن يأتي بألفاظه شفعًا وهو مفسر بقوله: مثنى مثنى، قال الحافظ: لكن لم يختلف في أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة، فيحمل قوله مثنى على ما سواها. انتهى. فتكون أحاديث تشفيع الأذان وتثنيته مخصصة بالأحاديث التي ذكرت فيها كلمة التوحيد مرة، كحديث عبدالله بن زيد ونحوه؛ الوتر: الفرد وأوترته إذا أفردته؛ الترسل: التمهل، والثاني من قولهم: جاء فلان على رسله؛ والحدر: الإسراع؛ الله أكبر: أي من كل شيء أو أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله، أو هو بمعنى كبير. والله أعلم.
    س133: ما الدليل على أفضلية الأذان من الكتاب والسُّنة؟
    ج: قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا الآية. وعن معاوية أن النبي  قال: «إن المؤذنين أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
    وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله : «من أذن محتسبًا سبع سنين كتب له براءة من النار» رواه ابن ماجه، وفي حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ومسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا».
    س134: بين حكم الأذان في حق المسافر، واذكر ما تستحضره من خلاف.
    ج: قيل: إنه واجب في السفر للجماعة، كما يجب في الحضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به بلالاً في السفر، وقال لمالك بن الحويرث ولابن عم له: «إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليـؤمكما أكبركما» متفق عليه. وهذا ظاهر في وجوبه؛ ولأنه  وأصحابه لم يكونوا يتركون الأذان في أسفارهم، وقيل: إنه مسنون للمسافر، لما ورد عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله  يقول: «يعجب ربك عز وجل من راعي غنم في شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني فقد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
    س135: بين حكم الأذان قبل دخول الوقت، وجلوس المؤذن بعد الأذان. واذكر الخلاف.
    ج: لا يجوز قبل الوقت إلا الفجر بعد نصف الليل، لما ورد عن ابن مسعود، أن النبي  قال: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله : «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل، هكذا حتى يستطير، هكذا يعني معترضًا» رواه مسلم وأحمد والترمذي، ولفظهما: «لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال والفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق»، وروى زياد بن الحارث الصدائي قال: «لما كان أول أذن الصبح أمرني النبي  فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر إليّ ناحية الشرق، ويقول: «لا حتى إذا طلع الفجر»، نزل فبرز، ثم انصرف إليّ وقد تلاحق أصحابه فتوضأ، فأراد بلال أن يقيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم» قال فأقمت» رواه أبو داو والترمذي، ويستحب أن لا يؤذن قبل الفجر إلا أن يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح كفعل بلال وابن أم مكتوم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الإعلام بالوقت المقصود بالأذان، فإذا كانا مؤذنين حصل الإعلام بالوقت، وقيل: لا يجوز الأذان قبل طلوع الفجر، لمـا روى ابن عمر أن بلالاً أذن قبل الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام ألا إن العبد نام، وعن بلال أن رسول الله  قال له: «لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر» هكذا، ومد يديه عرضًا. رواهما أبو داود. ومن حديث أنس عند البخاري وغيره قال: «إن النبي  كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر؛ فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم، فجعل شعار ديار الإسلام الأذان على طلوع الفجر»، وقالت طائفة من أهل الحديث: إذا كان له مؤذنان يؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر والآخر بعده فلا بأس؛ لأن الأذان قبل الفجر يفوت المقصود من الإعلام بالوقت، لم يجز كبقية الصلوات إلا أن يكون له مؤذنان يحصل إعلام الوقت بأحدهما، ويستحب أن يجلس مؤذن بعد أن أذان صلاة يسن تعجيلها، كمغرب جلسة خفيفة، ثم يقيم الصلاة، لحديث أبي بن كعب مرفوعًا «اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي حاجته في مهل» رواه عبدالله بن أحمد.
    وعن جابر أن النبي  قال لبلال: «اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمقتضى إذا دخل لقضاء حاجته» رواه أبو داود والترمذي.
    وكل أذان ليس في الوقت باطل
    وبعد أذان المغرب أقعد هنيهة
    فأذن لأولاهن ثم أقم لها
    وفي موضع التأذين إن يسهلن أقم
    بلى بعد نصف الليل للفجر غرد
    وإن تشأ جميعًا أو فوائت باعد
    وفي باقيات للإقامة أفرد
    وفي مغرب بعد الأذان ليقعد

    يسيرًا فلا تكره إذًا ركعتين للمصلي بلا خلف على نص أحمد.
    س136: ما حكم رفع الصوت بالأذان؟ وما دليل الحكم؟
    ج: مسنون، لما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس» رواه الخمسة إلا الترمذي، وعن عبدالله بن عبدالرحمن بن صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد الخدري  قال له: «أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة»، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله ، رواه مالك والبخاري والنسائي وابن ماجه.
    س137: بين حكم ما يلي: التثويب في أذان الفجر بعد الحيعلة، الإسراع في الإقامة، جعل المؤذن أصبعيه في أذنيه، التفاته في الحيعلة يمينًا وشمالاً غير مستدير وكونه على علو، وكونه متطهرًا قائمًا مترسلاً، وكونه أول الوقت, وكون المؤذن عالمًا بالوقت، بصيرًا حسن الصوت.
    ج: هذه من المسنونات، لما ورد عن أبي جحيفة  قال: «رأيت بلالاً يؤذن وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه» رواه أحمد والترمذي، وصححه. ولابن ماجه «وجعل أصبعيه في أذنيه»، ولأبي داود: «ولوى عنقه لما بلغ حي على الصلاة يمينًا وشمالاً ولم يستدر» وأصله في «الصحيحين»؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤذن إلا متوضئ» رواه الترمذي والبيهقي مرفوعًا من حديث أبي هريرة وموقوفًا عليه، وقال: وهو أصح، وأما كونه على علو، فلأنه أبلغ في الإعلام، وروي عن امرأة من بني النجار قالت: «كان بيتي من أطول البيوت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى ثم قال: اللهم إني أستعينك وأستعديك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن» رواه أبو داود؛ وأما كونه مستقبل القبلة، فتقدم حديث أبي جحيفة وما يفهم منه، قال في الشرح: ولا نعلم خلافًا في استحبابه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من السُّنة أن يستقبل القبلة بالأذان، وذلك لأن مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة؛ وأما كونه قائمًا، فلما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: «قم فأذن» وكان مؤذنوه صلى الله عليه وسلم يؤذنون قيامًا. قال ابن المنذر:
    أجمع كل من نحفظ عنه أنه من السُّنة؛ لأنه أبلغ في الأسماع؛ وأما كونه مترسلاً، فلما روى جابر أن النبي  قال لبلال: «إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر» رواه الترمذي وضعفه؛ وأما الدليل على كونه في أول الوقت، لما ورد عن جابر بن سمرة قال: «كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا يخرم، ثم لا يقيم حتى يخرج إليه النبي ، فإذا خرج أقام حين يراه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
    وأما كونه عالمًا بالوقت فلأمن الخطأ، وليتمكن من الأذان في أوله، وأما كونه بصيرًا، فلأن الأعمى لا يعرف الوقت فربما غلط، وكره ابن مسعود وبان الزبير أذانه، وكره ابن عباس إقامته؛ وأما كونه صيتًا، فلقوله  لعبدالله بن زيد «ألقه على بلال؛ فإنه أندى صوتًا منك» ولأنه أبلغ في الإعلام؛ وأما التثويب، وهو قول الصلاة خير من النوم مرتين، فلقول بلال «أمرني رسول الله  أن ثوب في الفجر، ونهاي أن أثوب في العشاء» رواه ابن ماجه؛ وأما حدر الإقامة، فلقوله  لبلال: «إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر» رواه أبو داود.
    قال في «مختصر النظم»:
    على نَشَزِ مُستقبلاً قائمًا فكنْ
    وحيعل يمينًا بالتفاتٍ ويسرة
    وخذ عن بلالٍ خمس عشرة كلمة
    وإن يترسل بالأذان ويحدر
    ومن أذن احرصْ أن يقيم مكانهُ
    وفي الأذنين الأصبعين فأورد؟
    ولا تدر الرجلين والطهر جود
    ومن يقم إحدى عشرة ليعدد
    الإقامة يظفر بالأحب ويقتدى
    وللفجر بالتثويب ثنتين أفرد

    س138:من الأولى أن يتولى الأذان والإقامة؟واذكر الدليل على ما تقول.
    ج: يستحب أن يتولاهما واحد، لحديث زياد بن الحارث الصدائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أخا صداء أذن» قال: فأذنت وذلك حين أضاء الفجر، قال: فلما توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقيم أخو صداء فإن من أذن فهو يقيم» رواه الخمسة إلا النسائي، ولفظه لأحمد.
    س139: ما حكم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة؟ وما دليل الحكم؟
    ج: يحرم أخذ الأجرة، ويجوز أن يجعل له رزق من بيت المال لعدم متطوع، لما روى عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
    س140: بين من المقدم عند تشاح المؤذنين؟ واذكر الدليل على ما تقول.
    ج: يقدم أولاً أفضلهما فيه، ثم أفضلهما في دينه وعقله، ثم من يختاره الجيران، ثم قرعة؛ أما دليل الأفضل فيه، فقوله صلى الله عليه وسلم لعبدالله ابن زيد: «ألقه على بلال فإنه أندى صوتًا» الحديث، وتقدم قريبًا. وقدم أبا محذورة لصوته؛ وأما الدليل على تقديم الأفضل في دينه وعقله عند الاستواء في ذلك، فلما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم» رواه أبو داود وغيره؛ ولأنه إذا قدم بالأفضلية في الصوت فبالأفضلية في ذلك أولى؛ لأن مراعاتهما أولى من مراعاة الصوت؛ لأن الضرر بفقدهما أشد، وأما تقديم من يختاره الجيران على غيره؛ فلأن الأذان لإعلامهم فكان لرضاهم أثر في التقديم؛ ولأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن أعف عن النظر وعن الشبهات؛ وأما كونه يقرع عند التساوي، فلقوله : «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» متفق عليه ولما تشاح الناس في الأذان يوم القادسية أقرع بينهم سعد. قال الناظم:
    ومتقن ذا قدمه عند تنازع
    ومن يحتسبه فهو أو من الذي
    فإن يستووا أقرع كسعد وجوزن
    فدين فعقل فانتقا جار مسجد
    له رزق بيت المال أو أجر ممدد
    أذانًا لأعمى متقن أو مقلد

    س141: إذا جمع أو قضى فوائت، فما الحكم؟ وكم يؤذن؟ وكم يقيم؟ وضح ذلك.
    ج: حكم الأذان والإقامة مسنون فيؤذن للأولى ويقيم لكل فريضة، لحديث عمرو بن أمية الضمري قال: كنا مع رسول الله  في بعض أسفاره، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس، فاستيقظ ، فقال: «تنحوا عن هذا المكان»، قال: ثم أمر بلال فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح، رواه أبو داود.
    ولما ورد عن أبي عبيدة بن عبدالله ابن مسعود عن أبيه «أن المشركين شغلوا النبي  يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء» رواه أحمد والنسائي والترمذي.
    ولما روى مسلم عن جابر: «أن النبي  أتى المزدلفة فصلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين» إلى غير ذلك من الأدلة.
    س142: ما المسنون قوله عند سماع الأذان؟ وضحه مع ذكر الدليل.
    ج: يسن متابعته سرًا بأن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في قوله حي على الصلاة وحي على الفلاح، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإلا في التثويب فيحوقل أو يقول: صدقت وبررت، لما ورد عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله :
    «إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة» رواه مسلم وأبو داود.
    وعن أبي سعيد الخدري  قال: قال رسول الله : «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
    وعن جابر بن عبدالله أن رسول الله  قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
    ومثل المؤذن قبل إذا ما سمعتهُ
    وعند فراغ منه فاسأل وسيلة
    وفضل أذان المرء يعلو إمامة
    وحوقل إذا حيعل تثابن وترشد
    لخير الورى تؤت الشفاعة في غد
    وقد قيل بل بالعكس فاختر وجود

    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    فقه الصلاة Empty رد: فقه الصلاة

    مُساهمة   الثلاثاء أبريل 27, 2010 5:28 am

    س173: ما حكم الصلاة في النعال؟ وما دليل الحكم؟
    ج: مستحبة لما ورد عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم» رواه أبو داود، وعن أبي مسلمة سعيد بن زيد قال: «سألنا أنسًا أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم» متفق عليه. وقد أخرج أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر؛ فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما»، ولحديث أبي سعيد الخدري «فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلع الناس نعالهم، فلما قضى صلاته قال: «ما حملكم على إلقاء نعالكم؟» قالوا: رأيناك ألقيت نعلك فألقينا نعالنا، قال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا»» رواه أبو داود.
    قال بعضهم:
    ويندب للمرء الصلاة بنعله
    فكن تابعًا خير الورى ومخالفًا
    لما جاء في نص الحديث المسدد
    يهود لتظفر بالفلاح المؤبد

    31- باب ستر العورة وأحكام اللباس
    س174: ما هي العورة؟ وما الدليل على أن سترها شرط من شروط الصلاة؟
    ج: العورة لغةً: النقصان والشيء المستقبح، وشرعًا: القبل والدبر وكل ما يستحيا منه، والدليل على ذلك قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن خزيمة.
    وعن سلمة بن الأكوع قال: «قلت: يا رسول الله، إني أكون في الصيد وأصلي في القميص الواحد، قال: «نعم»، وأزرره ولو بشوكة» صححه الترمذي، وحكى ابن عبدالبر الإجماع على فساد صلاة من صلى عريانًا وهو قادر على الاستتار، وعن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم» رواه أحمد وأبو داود.
    س175: ما حد عورة الرجل، والأمة، وأم الولد، والمعتق بعضها؟
    ج: حدها من السرة إلى الركبة، لما ورد عن علي  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» رواه أبو داود وابن ماجه، وعن محمد بن جحش قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال: «يا معمر، غط فخذك فإن الفخذ عورة»» رواه أحمد والبخاري في «تاريخه».
    وعن جرهد الأسلمي قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بردة وقد انكشف فخذي، فقال: «غط فخذك؛ فإن الفخذ عورة» رواه مالك
    في «الموطأ»، وأحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن، عن أبي موسى: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدًا في مكان فيه ماء فكشف عن ركبته أو ركبتيه، فلما دخل عثمان غطاها» رواه البخاري.
    وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا قال: «إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته؛ فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة» رواه أحمد وأبو داود.
    س176: بين حد عورة الحرة البالغة مع ذكر الدليل.
    ج: كلها الحرة البالغة عورة في الصلاة إلا وجهها، لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة إلا النسائي.
    وعن أم سلمة: «أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: «إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها»» رواه أبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
    س177: بين حكم الصلاة في ثوب واحد وفي ثوبين، واذكر الدليل.
    ج: أما الصلاة في ثوب واحد فصحيحة، وليس في ثوبين، لما ورد عن أبي هريرة  أن سائلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد، فقال: «أو لكلكم ثوبان» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن جابر «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- صلى في ثوب واحد متوشحًا به» متفق عليه؛ وأما الدليل على استحباب الصلاة في ثوبين، فلما روي ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر : «إذا كان لأحدكم ثوبين فليصل فيهما؛ فإن لم يكن له إلا ثوب واحد فليتزر به» رواه أبو داود، وعن عمر أنه قال: «إذا وسع الله فأوسعوا جمع رجل عليه ثيابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في إزار وقباء في سراويل ورداء في سراويل وقميص».
    س178: بين معاني ما يلي من الكلمات وحكمهن واذكر الدليل على ذلك: اشتمال الصماء، السدل، التلثم في الصلاة.
    ج: اشتمال الصماء هي: أن يضطبع بالثوب عليه غيره، والسدل لغةً: إرخاء الثوب، واصطلاحًا: أن يطرح ثوبًا على كتفيه ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى، واللثام: ما كان على الفم من النقاب، والتلثم: شد اللثام أو الثوب على أنفه أو فمه وكلهاتكره في حق المصلي، لما ورد عن أبي هريرة  قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء» متفق عليه.
    وفي لفظ لأحمد: «نهى عن لبستين: أن يحتبي أحدكم في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، وأن يشتمل في إزاره إذا ما صلى إلا أن يخالف بطرفيه على عاتقيه»، وعن أبي سعيد: «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء» رواه الجماعة إلا الترمذي؛ فإنه رواه في حديث أبي هريرة.
    وللبخاري «نهى عن لبستين، واللبستان اشتمال الصماء، والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب واللبسة الأخرى احتباؤه بثوب وهو جالس ليس على فرجه منه شيء».
    وعن أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه» رواه أبو داود، ولأحمد والترمذي «نهى عن السدل»، ولابن ماجه «النهي عن تغطية الفم».
    س179: بين حكم استعمال الحرير، والمنسوج بالذهب أو الفضة في حق الذكور.
    ج: يحرم على ذكر استعمال ما كله حرير، وكذا ما غالبه ظهورًا حرير إلا لضرورة أو حكة أو مرض أو حرب أو كان حشوًا أو علمًا أربع أصابع مضمومة فما دون، أو كان رقاعًا أو لبنة جيب وسجف فراء.
    ويحرم استعمال منسوج بذهب أو فضة أو مموه بذهب أو فضة قبل استحالته غير ما يأتي في الزكاة؛ وأما الدليل: فهو ما ورد عن أبي موسى أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
    وعن عمر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا الحرير؛ فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة» متفق عليهما، ومن أدلة جوازه للنساء دون الرجال ما ورد عن علي –عليه السلام- قال: «أهديت إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- حلة سيراء فبعث بها إليّ فلبستها فعرفت الغضب في وجهه، فقال: «إني لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشقها خمرًا بين النساء»» متفق عليه.
    وأما الدليل مع ما تقدم على تحريم الجلوس عليه، فهو ما ورد عن حذيفة قال: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» رواه البخاري.
    س180: ما الدليل على تحريم افتراش الحرير وإباحة اليسير منه؟
    ج: ما ورد عن علي قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على المياثر، والمياثر: قسى كانت تصنعه النساء لبعولتهن على الرجل كالقطائف من الأرجوان» رواه مسلم والنسائي، وتقدم حديث حذيفة.
    وأما الدليل على إباحة اليسير منه، فهو ما ورد عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما» متفق عليه.
    وفي لفظ: «نهى عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربعة» رواه الجماعة إلا البخاري، وزاد فيه أحمد وأبو داود: «وأشار بكفه شبر من ديباج كسرواني وفرجيها مكفوفين به، فقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها كانت عند عائشة، فلما قبضت عائشة قبضتها إلي فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها» رواه أحمد ومسلم، ولم يذكر لفظ الشبر.
    وعن ابن عباس: «إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من قز». وقال ابن عباس: «أما السدى واللحم فلا نرى به بأسًا» رواه أحمد وأبو داود.
    س181: ما الدليل على جواز لبس الحرير للضورة، والحكة، والمرض والحرب؟
    ج: ما ورد عن أنس «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- رخص لعبدالرحمن ابن عوف والزبير في لبس الحرير في غزاة لحكة كانت بينهما» رواه الجماعة، إلا أن لفظ الترمذي: «أن عبدالرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى رسول الله –عليه الصلاة والسلام القمل، فرخص لهما في قميص الحرير في غزاة لهما» وما ثبت في حق صحابي يثبت في حق غيره، إذ لا دليل على اختصاصه، وقيس على القمل غيره مما يحتاج فيه إلى لبس الحرير.
    وأما الدليل على جوازه في حال الحرب إذا تراءى الجمعان، فلأن المنع من لبسه لما فيه من الخيلاء وهو غير مذموم في الحرب، لما ورد عن جابر بن عتيك، أن النبي –عليه الصلاة والسلام قال: «إن من الغيرة ما يحب الله، ومن الغير ما يبغض الله، وإن من الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله؛ فأما الغيرة التي يحبها الله: فالغيرة في الريبة؛ وأما الغيرة التي يبغض الله: فالغيرة في غير الريبة، والخيلاء التي يحبها الله: فاختيال الرجل بنفسه عند القتال، واختياله عند الصدقة، والخيلاء التي يبغض الله: فاختيال الرجل في الفخر والبغي» رواه أحمد وأبو داود.
    س182: بين حكم لبس ما يلي من الثياب مقرونًا بالدليل: المعصفر، المزعفر، الأبيض، الأخضر، الأسود.
    ج: المعصفر والمزعفر مكروهان، لما ورد عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: «رأى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين، فقال: «هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها»» رواه أحمد ومسلم والنسائي، وعن علي قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب، وعن لباس القسي، وعن القراءة في الركوع والسجود، وعن لباس المعصفر» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه؛ وأما الدليل على كراهة المزعفر، ففي حديث أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل» متفق عليه؛ وأما الأبيض من الثياب فمستحب لبسه، لما ورد عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من ثيابكم البياض، فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن ما زرتم الله عز وجل في قبوركم ومساجدكم البياض» رواه ابن ماجه.
    وأما الأخضر والأسود فيباح لبسهما، لما ورد عن أبي رمثة قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وليس مرط مرحل من شعر أسود» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه. وفي «صحيح البخاري» عن أم خالد «أن البني صلى الله عليه وسلم ألبسها خميصة سوداء».
    س183: بين حكم استعمال ما فيه صورة من الثياب وغيرها ودليل الحكم.
    ج: يحرم لبس ما فيه صورة من ذوات الأرواح ويحرم تعليقه وستر جدر به، لما ورد عن عائشة «أنها نصبت سترًا وفيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه، قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما» متفق عليه، وعن طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب» متفق عليه، وعن عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك في بيته تصاليب إلا نقضه» رواه البخاري.
    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    فقه الصلاة Empty رد: فقه الصلاة

    مُساهمة   الثلاثاء أبريل 27, 2010 5:33 am

    - حكم التصوير
    س184: ما حكم تصوير ذوات الأرواح، وما دليل الحكم؟
    ج: محرم، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه مضاهاة بخلق الله. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا قال عكرمة: هم الذين يصنعون الصور، وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلقُ كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة » أخرجاه ولهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله» ولهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم» ولهما عنه مرفوعًا: «من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ»، ولمسلم عن أبي الهياج قال: قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته، وعن عبدالله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون».
    س185: بين حكم تشبه الرجل بالمرأة وبالعكس واذكر دليل الحكم.
    ج: محرم، لما ورد عن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبس المرأة، والمرأة تلبس لبس الرجل» رواه أحمد وأبو داود، ولما أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء» وأخرج أبو داود عن عائشة أنها قالت: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء».
    س186: ما الأشياء التي يحرم الإسبال فيها؟ بينها مع ذكر الدليل.
    ج: يحرم الإسبال في الثوب والإزار والقميص والعمامة خيلاء، إلا في الحرب فيباح؛ أما دليل التحريم، فلما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»، فقال أبو بكر: إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: «إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء» رواه الجماعة، إلا أن مسلمًا وابن ماجه والترمذي لم يذكروا قصة أبي بكر، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر شيئًا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر اله إلى من جر إزاره بطرًا» متفق عليه، ولأحمد والبخاري: «ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار»؛ وأما الدليل على جوازه في الحرب، فحديث جابر المتقدم في جواب سؤال سابق، وقال صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة لما رآه يختال عند القتال: «إن هذه مشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموطن».
    س187: ما حكم لبس ثوب الشهرة والثوب الجميل؟ واذكر الدليل لما تقول.
    ج: أما ثوب الشهرة فيحرم؛ لما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه؛ وأما الجميل فجائز لبسه، لما ورد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر»، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يرى ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس» رواه أحمد ومسلم.
    س188: ما حكم التواضع في اللباس؟ وماذا يقول من استجد ثوبًا؟
    ج: التواضع في اللباس مستحب، لما ورد عن سهل بن معاذ الجهني
    عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعًا لله عز وجل دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حلل الإيمان أيتهن شاء» رواه أحمد والترمذي، وعن أبي أمامة إياس ابن ثعلبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان إن البذاذة من الإيمان» رواه أبو داود، ويقول: «من استجد ثوبًا»، ما ورد عن أبي سعيد قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبًا سماه باسمه عمامة أو قميصًا أو رداءً، ثم يقول: «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له»» رواه الترمذي.
    تنبيه
    قال في «شرح المنتهى»: يسن أن يأتزر الرجل فوق سرته ويشد سراويله فوقها، وسعة كم قميص المرأة يسيرًا وقصره وطول كم قميص الرجل من أصابعه قليلاً دون سعته كثيرًا فلا تتأذى اليد بحر ولا برد ولا تمنعها خفة الحركة والبطش، ويباح ثوب من صوف ووبر وشعر من حيوان ظاهر، ويكره رقيق يصف البشرة وخلاف زي أهل بلده بلا عذر ومزرية وكثرة الارفاه، وزي أهل الشرك وثوب شهرة ما يشتهر به عند الناس ويشار إليه بالأصابع، لئلا يحملهم على غيبته فليشاركهم في الإثم، ويباح لبس السواد والقباء حتى للنساء. انتهى باختصار. وصلى الله على محمد وآله وسلم.
    ومما يتعلق بهذا الشرط أي ستر العورة:
    وسترة عورات بما ليس واصفًا
    وما بين سرات الذكور وركبة
    وعنه سوى الفرجين ليس بعورة
    ومن أمة ما ليس يظهر غالبًا
    وهذا لتصحيح الصلاة وإن تخف
    وكل سوى وجه الحرائر عورة
    وكالأمة اجعل من تراهق حرة
    وحظر تعاطي الكشف حتى لنزرها
    ويكفي احتمال لا حقيقة رؤية
    ويكره ستر الوجه فيه وأنفه
    وما يشبه الزنار يكره مطلقًا
    ويحرم جر اللبس للخيلاء من
    وما بين نصف الساق والكعب سنة
    ويحرم تصوير لحى ولبسه
    ويكره ما فيه صليب مصور
    وابريسما صوفًا أو لغالب احضرن
    سوى علم كالكف غير مزيد
    وما غالب منه المباح محلل
    ولكن أبح لبس الحرير لحكة
    وجيب وسجف والرقاع مباحة
    ويكره قاني حمرة ومعصفر
    ولا بأس في لبس السواد وأحمر
    لجلدك لا للحجم شرط التعبد
    ومشكل خنثى عورة لهما احدد
    وهذا المقوى في الحديث المسدد
    وقبل كعورات الذكور كما ابتدى
    بها فتنة تستر على نص أحمد
    وعنه وكفيها ككعب بأبعد
    كذا من حوت تبعيض عتق مؤبد
    لغير طبيب أو ختان مؤكد
    ورأى المصلى فرجه مثل أبعد
    وستر فم أو لف كم على اليد
    ولا بأس في شد الإزار لِسُجد
    فتى مطلقًا بل في الصلاة فأكد
    ويكره منها هابط مع مصعد
    وتعليقه لا فرشه مع توسد
    وهذا جميع للرجال ونهد
    للبس ذكور أو فراش ومسند
    وقال أبو بكر ولو رقم عسجد
    ولا تعتبر غير الظهور المجرد
    برد وسقم ثم في حرب جحد
    وحشو به أو في الضرورة عدد
    وما زعفروا أو شبه لبس النهد
    وصوف وكتان وبالأبيض ارتد

    33- استقبال القبلة
    س189: ما الدليل على أن استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة لا تصح بدونه لعاجز ومعذور ومتنفل راكب سائر في سفر أو في صلاة خوف إذا اشتد الخوف؟
    ج: الدليل قوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، وفي حديث المسيء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة»، وعن عمر قال: «بينما الناس بقباء إذ جاءهم آت، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة» متفق عليه.
    س190: بين دليل كل صورة من الصور التي تصح فيها الصلاة إلى غير القبلة.
    ج: أما دليل صحة صلاة المعذور والعاجز، فقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ وأما الدليل على صحة صلاة الخوف إلى غير القبلة، فهو ما ورد عن ابن عمر «أنه كان إذا سُئل عن صلاة الخوف وصفها، ثم قال: فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالاً قيامًا على أقدامهم وركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» قال نافع: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري.
    وأما الدليل على صحة صلاة النافلة إلى غير القبلة، فلما ورد عن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح على راحلته قبل أي وجهة توجهه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة»، وفي رواية: «كان يصلي على راحلته وهو مقيل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به وفيه نزلت فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، وعن جابر قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة ولكن يخفض السجود من الركوع ويومئ إيماء» رواه أحمد، وفي لفظ: «بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق والسجود أخفض من الركوع» رواه أبو داود والترمذي وصححه، وأخرجه البخاري عن جابر بلفظ: «كان يصلي التطوع وهو راكب»، وفي لفظ: «كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة»، وعن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يصلي على راحلته تطوعًا استقبل القبلة فكبر للصلاة ثم خلى عن راحلته فصلى حيث ما توجهت به» رواه أحمد وأبو داود.
    س191:ما فرض القريب من القبلة وما فرض البعيد؟واذكر دليل كل منهما.
    ج: فرض القريب من القبلة إصابة عين الكعبة، وفرض البعيد إصابة الجهة، وتقدم أدلة استقبال القبلة، وأما أدلة إصابة الجهة فمن ذلك ما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، ومن الأدلة على ذلك انعقاد الإجماع على صحة صلاة الاثنين المتباعدين قبلة واحدة وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خط مستو.
    س192: بين ما الذي يستدل به على القبلة عند الاشتباه؟
    ج: أما بالحضر فمحاريب المسلمين أو بخبر ثقة عن يقين، وأما في السفر فإن كان عالمًا بأدلتها ففرضه الاجتهاد حتى يغلب على ظنه الجهة فيصلي إليها لتعينها قبلة له إقامة للظن مقام اليقين لتعذره، ومما يستدل به على القبلة في السفر النجوم وهي أصح أدلتها. قال تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، وقال: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ، وقال عمر: «تعلموا من النجوم ما تعرفون به الوقت والطريق» وأثبتها القطب الشمالي ثم الجدي نجم نير، فالقطب نجم خفي حوله أنجم دائرة كفراشة الرحى أو كسمكة في أحد طرفيها أحد الفرقدين، وفي الآخر الجدي والقطب وسط الفراشة لا يبرح مكانه دائمًا، وقيل: إلا قليلاً، ينظره حديد البصر في غير ليالي قمر، فإذا قوي نور القمر خفي، وما يستدل به عليها الشمس والقمر والرياح والجبال والأنهار وغيرها.
    س193: بين حكم ما يلي: إذا اجتهد مجتهدان فاختلفا جهة، إذا صلى المجتهد بالاجتهاد أو الجاهل بالتقليد، ثم علم خطأ القبلة.
    ج: أما في المسألة الأولى، فالحكم أنه يصلي كل واحد منهما باجتهاد نفسه ولا يصح اقتداء أحدهما بالآخر؛ لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه والمقلد يتبع أوثقهما عنده علمًا بأدلة القبلة، وأما في المسألة الثانية فلا إعادة عليه، لما ورد عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بيت المقدس، فنزلت: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد تحولت، فمالوا كما هم نحو القبلة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، فلم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، ومثل هذا لا يخفى عليه صلى الله عليه وسلم ولا يترك إنكاره إلا وهو جائز، وروى عامر بن ربيعة عن أبيه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر لي ليلة مظلمة، فلم ندري أين القبلة وصلى كل رجل حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ» رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن إلا أنه من حديث أشعث السمان، وفيه ضعف؛ ولأن خفاء القبلة في الأسفار يقع كثيرًا لوجود الغيوم وغيرها من الموانع، فإيجاب الإعادة مع ذلك فيه حرج ومشقة وهو منتف شرعًا؛ ولأنه شرط عجز عنه فأشبه سائر الشروط.
    س194: هل العارف بأدلة القبلة يجتهد لكل صلاة؟ أم يكتفي باجتهاد واحد؟
    ج: يجتهد لكل صلاة؛ لأنها واقعة متجددة فتستدعي طلبًا جديدًا، ويصلي بالاجتهاد، والثاني لأنه ترجح في ظنه ولو كان في صلاة ويبني ولا يقضي ما صلى بالاجتهاد الأول؛ لأن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد.
    قال في «مختصر النظم»:
    ولا تتبع فيها دلالة فاسق
    ففرض على الكل اتباع اجتهاده
    وكل صلاة شئتها فاجتهد لها
    وقل لمصل باجتهاد تبين
    وإن يختلف أهل الذكا والترشد
    وللأوثق اتبع يا فتى إن تقلد
    ولو أثر فرض باجتهاد بأجود
    الخطا بعد ما صلى فلا نقض ترشد

    س195: ما الدليل على أن النية شرط من شروط الصلاة؟ وهل يخرج الإنسان من الصلاة لشكه فيها؟ وما شرطها؟ ومتى زمنها وما كيفيتها؟ وما هي أنواعها؟ اذكرها بوضوح مع تقسيم ما يحتاج إلى تقسيم.
    ج: أما تعريفها ودليلها والسبب في شرعيتها، فتقدم في جواب سؤال سابق، ولا يخرج لشكه في النية لعلمه أنه ما دخل إلا بها، ولا تسقط بحال، وشرطها الإسلام والعقل والتمييز وعلم بمنوى كسائر العبادات، وزمنها أول العبادة أو قبله بيسير، والأفضل قرنها بالتكبير، وكيفيتها اعتقاد القلب، والنية التي يتكلم عليها العلماء نوعان: نية المعمول له، ونية نفس العمل؛ أما الأول: فهو الإخلاص الذي يقبل الله عملاً خلا منه بأن يقصد العبد بعمله رضوان الله وثوابه، وضده العمل لغير الله أو الإشراك به في العمل بالرياء، وهذا النوع لا يتوسع فيه الفقهاء بالكلام عليه، وإنما يتوسع به أهل الحقائق وأعمال القلوب، وإنما يتكلم الفقهاء على النوع الثاني وهو نية العمل، فهذا له مرتبتان: إحداهما: تمييز العادة عن العبادة؛ لأنه مثلاً غسل الأعضاء والإمساك عن الأكل ونحوهما تارة يقع عادة وتارة عبادة، فلابد من نية العبادة، لأجل أن تتميز عن العادة، ثم المرتبة الثنية إذا نوى العبادة فلا يخلو إما أن تكون مطلقة كالصلاة المطلقة والصوم المطلق، فهذا يكفي فيه نية مطلق تلك العبادة؛ وإما أن تكون مقيدة كصلاة الفرض والرابة والوتر، فلابد مع ذلك من نية ذلك المعين، لأجل تمييز العبادات بعضها عن بعض.
    س196: إذا أحرم مأموم مع الإمام ثم نوى الانفراد؛ فهل يسوغ له ذلك؟
    ج: إن كان لعذر يبيح ترك الجماعة كتطويل إمام وكمرض وكغلبة نعاس أو غلبة شيء يفسد صلاته كمدافعة أحد الأخبثين، أو خوف على أهل أو مال، أو خوف فوت رفقة، أو خرج من الصف مغلوبًا لشدة زحام ولم يجد من يقف معه صح انفراده فيتم صلاته منفردًا لحديث جابر قال: «صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده، فقيل له: نافقت، قال: ما نافقت، ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: «أفتان أنت يا معاذ» مرتين» متفق عليه. وكذا لو نوى الإمام الانفراد لعذر ومحل إباحة المفارقة لعذر إن استفاد تعجيل لحوقه لحاجته قبل فراغ إمامه من صلاته ليحصل محصوله من المفارقة، فإن كان الإمام يعجل ولا يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل لم يجز له الانفراد لعدم الفائدة فيه، وأما من عذره الخروج من الصف فله المفارقة مطلقًا.
    وإن ينو مأموم لعذر تفردًا
    أجز ولغير العذر أبطل بأوكد

    س197: بين حكم ما إذا أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتمًا وحكم ما إذا سبق اثنان فأكثر في بعض الصلاة، فأتم أحدهما بصاحبه؟
    ج: يجوز ذلك والصلاة صحيحة، لما روى سهل بن سعد «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فصلى أبو بكر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فنخلص حتى وقف في الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف» متفق عليه. وحكم ما إذا سبق اثنان فأكثر ببعض الصلاة ثم سلم الإمام فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما أن ذلك صحيح أو كذا إذا ائتم مقيم بمثله فيما بقي من صلاتهما إذا سلم إمام مسافر فيصح؛ لأنه انتقال من جماعة إلى جماعة أخرى لعذر فجاز كاستخلاف.
    س198: اذكر ما حكم ما لو نوى أحد المأمومين الإمامة لاستخلاف الإمام له إذا سبقه الحدث، واذكر الدليل على ما تقول؟
    ج: يصح ذلك منه للعذر، لما ورد عن عمرو بن ميمون قال: «إني لقائم ما بيني وبين عمر غداة أصيب إلا عبدالله بن عباس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه، وتناول عم رعبدالرحمن ابن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة» مختصر من البخاري، وعن أبي رزين قال: «صلى علي  ذات يوم فراعف، فأخذ بيد رجل فقدمه ثم انصرف» رواه سعيد في «سننه»، وقال أحمد بن حنبل: إن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعلي، وإن صلوا وحدانا فقد طعن معاوية وصلى الناس وحدانا من حيث طعن أتموا صلاتهم، وحكى عن أحمد: أن صلاة المأمومين تبطل، وقال أبو بكر: تبطل رواية واحدة؛ لأنه فقد شرط صحة الصلاة في حق الإمام فبطلت صلاة المأمومين كما لو تعمد الحدث، وعندي أن القول الأول أصح لقوة الدليل. والله أعلم.
    س199: اذكر بعض آداب الخروج إلى الصلاة مقرونًا بالدليل؟
    ج: يستحب التطهر والخروج إليها بسكينة ووقار، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث، تقول: اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة» متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» متفق عليه، واللفظ للبخاري.
    س200: ما المسنون قوله في حق من خرج إلى الصلاة؟ وما الدليل عليه؟
    ج: يستحب أن يقول ما ورد عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل لي في سمعي نورًا، واجعل لي في بصري نورًا، واجعل لي من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل لي من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وأعطني نورًا»» أخرجه مسلم.
    س201: ما المسنون قوله إذا دخل المسجد وإذا خرج منه؟
    ج: ما ورد عن أبي حميد وأبي أسيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك»، وعن فاطمة قالت: «كان رسول الله –عليه الصلاة والسلام- إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد، وقال: رب اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك» رواه الترمذي.
    س202: ما المكروه فعله في حق من خرج إلى الصلاة أو جلس ينتظر الصلاة؟
    ج: يكره التشبيك، لما ورد في حديث أبي سعيد أنه –عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، فإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه» رواه أحمد. وعن كعب بن عجرة  قال: سمعت رسول الله –عليه الصلاة والسلام- يقول: «إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى الصلاة فلا يشبكن ين يديه، فإنه في صلاة» رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي، واللفظ له.
    س203: بين حكم الكلام في أمر الدنيا في المسجد، واذكر الدليل على ما تقول؟
    ج: مكروه كراهة شديدة، لما ورد عن عبدالله –يعني ابن مسعود  قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «سيكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في مساجدهخم ليس لله فيهم حاجة» رواه ابن حبان في «صحيحه». وعن الحسن مرسلاً قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم فلا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة» رواه البيهقي في «شعب الإيمان».
    س204: ما الذي ينبغي أن يشتغل فيه من أقام في المسجد؟
    ج: ينبغي له أن يشتغل بتلاوة كتاب الله وتفسيره، وذكر الله وسُّنة رسوله أو ما هو وسيلة إلى ذلك.
    قال الناظم:
    وخير مقام قمت فيه وخصلة
    تحليتها ذكر الإله بمسجد

    وقلت:
    إذا ما أقمت الدهر يومًا بمسجد
    سوى في كتاب الله أو سُّنة الذي
    فحاول لصون الوقت عن كل شاغل
    أتى بالهدى الحاول جميع الفضائل

    س205: بين حكم تحية المسجد لمن دخله، واذكر دليل الحكم؟
    ج: مستحبة، لما ورد عن أبي قتادة أن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» متفق عليه. وعن جابر  قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فقال: «صل ركعتين» متفق عليه.
    34- باب صفة الصلاة
    س206: اذكر صفة الصلاة بوضوح تام.
    ج: يسن القيام إليها عند قول مقيم قد قامت الصلاة وتسوية الصف، ويقول: الله أكبر رافعًا يديه مضمومتي الأصابع ممددة حذو منكبيه كالسجود، ويسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين وغيره نفسه، ثم يقبض كوع يسراه على صدره أو تحت سرته وينظر مسجده، ويقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك»، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرًا وليست من الفاتحة، ثم يقرأ الفاتحة، فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال أو ترك منها تشديده أو حرفًا لزم غير مأموم إعادتها، ويجهر الكل بآمين في الجهرية، ثم يقرأ بعدها سورة في الركعتين الأوليين من كل صلاة، ويجهر بها فيما يجهر فيه بالفاتحة، ويسر فيما يسر بها فيه، والأصل في هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم –رحمه الله- في «زاد المعاد في هدي خير العباد» في فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة في (ج1) في (ص108) فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها وكان يطيلها تارة ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبًا، وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية وصلاها بسورة (ق)، وصلاها بـ (الروم) وصلاها بـ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وصلاها بـ إِذَا زُلْزِلَتِ في الركعتين كليهما، وصلاها بالمعوذتين وكان في السفر.
    وصلاة فافتتحها بسورة (المؤمنون) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى أخذته سعلة فركع وكان يصليها يوم الجمعة، بـ الـم * تَنزِيلُ السجدة، وسورة: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ كاملتين.
    وأما الظهر فكان يطيل قراءتها أحيانًا حتى قال أبو سعيد: «كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها» رواه مسلم. وكان يقرأ فيها تارة بقدر الـم * تَنزِيلُ وتارة بـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وتارة بـ السَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ؛ وأما العصر فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت وبقدرها إذا قصرت.
    وأما المغرب، فكان هديه فيها خلاف عمل الناس اليوم، فإنه صلاها مرة بـ (الأعراف) وفرقها، ومرة بـ (الطور)، ومرة بـ (المرسلات).
    قال أبو عمر ابن عبدالبر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قرأ في المغرب بـ (المص)، وأنه قرأ فيها بـ (الصافات)، وأنه قرأ فيها بـ (حم الدخان)، وأنه قرأ فيها بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، وأنه قرأ فيها بـ (التين والزيتون)، وأنه قرأ بالمعوذتين، وأنه قرأ بـ (المرسلات)، وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل، قال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة» انتهى.
    وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائمًا، فهو فعل مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت، وقال: مالك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولي الطوليين قال: قلت: وما طولى الطوليين، قال: قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: (الأعراف).
    وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن، وذكر النسائي عن عائشة
    -رضي الله عنها- «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين»، فالمحافظة فيها على الآية القصيرة، والسورة من قصار المفصل خلاف السُّنة، وهو فعل مروان بن الحكم؛ وأما العشاء الآخرة، فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم بالتين والزيتون، ووقت لمعاذ فيها بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، ونحوها، وأنكر عليه قراءته فيها بالبقرة بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف فأعاد لهم بعد ما مضى من الليل ما شاء الله وقرأ بهم بالبقرة، ولهذا قال: «أفتان أنت يا معاذ؟» فتعلق النقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا ما بعدها، وأما قراءته في الأعياد، فتارة كان يقرأ سورتي (ق) (واقتربت) كاملتين، وتارة سورتي (سبح) و(الغاشية)، وهذا هو الهدي الذي استمر صلى الله عليه وسلم عليه إلى أن لقي الله عز وجل لم ينسخه شيء، ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده، فقرأ أبو بكر  في الفجر بسورة (البقرة) حتى سلم منها قريبًا من طلوع الشمس، فقالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين، وكان عمر  يقرأ فيها بيوسف، والنحل، وبهود،وببني إسرائيل، ونحوها من السور، ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخًا لم يخف على خلفائه الراشديه، ويطلع عليه النقادرون. انتهى باختصار.
    ولا تصح بقراءة خارجة عن مصحف عثمان، ثم يركع مكبرًا رافعًا يديه ويضعهما على ركبتيه مفرجتي الأصابع مستويًا ظهره ويقول: سبحان ربي العظيم، ثم يرفع رأسه ويديه قائلاً إمام ومنفرد: سمع الله لمن حمده، وبعد قيام ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، ومأموم في رفعه ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، ثم يخر مكبرًا ساجدًا على سبعة أعضاء: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده، ويجافي عضديه
    عن جنبيه وبطنه عن فخذيه، ويفرق ركبتيه، ويقول: سبحان ربي الأعلى ثم يرفع رأسه مكبرًا ويجلس مفترشًا يسراه ناصبًا يمناه، ويقول: رب اغفر لي ويسجد الثانية كالأولى، ثم يرفع مكبرًا ناهضًا على صدره قدميه معتمدًا على ركبتيه إن سهل ويصلي الثانية كذلك ما عدا التحريمة والاستفتاح والتعوذ وتجديد النية، ثم يجلس مفترشًا ويداه على فخذيه ويقبض خنصر اليمنى وبنصرها ويحلق إبهامها مع الوسطى ويشير بسبابتها في تشهده ويبسط اليسرى ويقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هذا التشهد الأول، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آله محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ويستعيذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال، ويدعو بما ورد، ثم يسلم عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك، وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مكبرًا رافعًا يديه بعد التشهد الأول، وصلى ما بقي كالثانية بالحمد فقط، ثم يجلس في التشهد الأخير متوركًا والمرأة مثله لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها.
    وقد نظم العمريطي ما تخالف فيه الأنثى الذكر، فقال:
    في خمسة تخالف الأنثى الذكر
    فمر فقيه سن أن يباعدا
    وأن يقل بطنه عن الفخذ
    وجهره يسن بالغروب
    وتخفض الأنثى بكل حال
    والسنة التسبيح للذكور
    وتصفق الأنثى ببطن كفها
    وعورة الرجال حيث تشترط
    وعورة الحرة دون مين
    وإن تكن رقيقة فكالذكر
    في الحكم ندبًا أو وجوبًا معتبر
    عن جانبيه راكعًا وساجدًا
    عن السجود وهي ضمت حينئذ
    إلى طلوع الشمس في المكتوب
    صوتًا لها بحضرة الرجال
    إن نابهم شيء من الأمور
    ظهر اليد الشمال بعد كشفها
    من سرة لركبة هنا فقط
    ما كان غير الوجه والكفين
    وسوف يأتي حكم عورة النظر

    [right]
    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    فقه الصلاة Empty رد: فقه الصلاة

    مُساهمة   الثلاثاء أبريل 27, 2010 5:39 am

    [size=24]
    35- أركان الصلاة
    س207: ما هي أركان الصلاة؟
    ج: أركان الصلاة أربعة عشر: القيام مع القدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، والسجود على الأعضاء السبعة، والاعتدال منه، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينة في جميع الأركان، والترتيب، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتسليمتان.
    قال في «المختصر»:
    وأركانها خذها القيام لقادر
    ومنها ركوع واعتدلك بعده
    وجلسته بين السجود تشهد
    صلاة على الهادي به وسلامها
    وتكبيرة الإحرام والحمد فاسرد
    سجود على آرابك السبعة اسجد
    أخير وأن تجلس لهذا التشهد
    وأن تطمئن افهم وترتيب أشهد

    س208: ما الدليل على أن القيام في صلاة الفرض ركن من أركان الصلاة؟
    ج: قوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ، ومن السُّنة قوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا؛ فإن لم تستطع فعلى جنب» رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري.
    س209: ما الدليل على أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة؟
    ج: ما ورد عن علي بن أبي طالب ، عن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال الترمذي: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وفي حديث المسيء أنه –عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر»، وفي حديث أبي سعيد مرفوعًا: «إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج، وإذا قال إمامكم: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر» رواه أحمد. وفي حديث رفاعة أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة، فيقول: الله أكبر» رواه أبو داود ولم ينقل عنه –عليه الصلاة والسلام- افتتح الصلاة بغيرها.
    س210: ما الدليل على أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة؟ وماذا يعمل من لا يحسنها ولا شيئًا منها ولا من غيرها؟
    ج: ما ورد عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «لا صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وعن عائشة قالت: سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» رواه أحمد وابن ماجه، وعن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج فينادي لا صلاة إلا بقراءة الفاتحة ولا شيئًا منها ولا شيئًا من غيرها؟» فيلزمه أولاً تعلمها، فإن ضاق الوقت لزمه قراءة قدرها من أي سورة شاء من القرآن، فإن لم يعرف إلا آية من القرآن كررها بقدر الفاتحة. قال الله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ؛ فإن لم يحسن قرآنًا لزمه قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لحديث عبدالله بن أبي أوفى قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله
    أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله»» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني. وعن رفاعة بن رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم رجلاً الصلاة، فقال: «إن كان معك قرآنًا فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع» رواه الترمذي وأبو داود.
    س211: ما الدليل على أن الركوع ركن إلا الركوع بعد ركوع أول في صلاة كسوف فسُّنة؟
    ج: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء: «ثم اركع حتى تطمئن راكعًا»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه وأجمعت الأمة على وجوبه في الصلاة.
    س212: ما الدليل على أن الرفع من الركوع ركن من أركان الصلاة؟ وكذلك الاعتدال قائمًا، واذكر أدلتهما بوضوح.
    ج: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء «ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا»؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري، ولما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» رواه أحمد وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
    س213: ما الدليل على أن السجود على الأعضاء السبعة ركن من أركان الصلاة؟ وأن الرفع منه ركن؟ وأن الجلسة بين السجدتين ركن؟
    ج: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا، ومن السُّنة ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة- وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين» متفق عليه. وفي حديث المسيء: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا» الحديث، وعن العباس بن عبدالمطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه» رواه الجماعة إلا البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وعن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم» رواه مسلم. وفي رواية متفق عليها أن أنسًا قال: «إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول الناس قد نسى، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول الناس قد نسى».
    س214: ما هي الطمأنينة؟ وما الدليل على أنها ركن من أركان الصلاة؟
    ج: هي السكون، وإن قل، وقيل: بقدر الذكر الواجب ليتمكن من الإتيان به. قال الناظم –رحمه الله-:
    وأدنى سكونة بين رفع وخفضه
    وفي كل ركن فاطمئن فإنها
    طمأنينة قدر بها لا تشدد
    لركن أتت عن خير هاد ومرشد

    وأما الدليل: فعن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن
    راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها»» متفق عليه. وعن حذيفة «أنه رأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته دعاه، فقال له حذيفة: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدًا» رواه أحمد والبخاري.
    وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشر الناس سرقة الذي يسرق في صلاته»، فقالوا: يا رسول الله، وكيف يسرف من صلاته؟ قال: «لا يتم ركوعها ولا سجودها»، أو قال: «لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
    س215: ما الدليل على أن التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة؟
    ج: ما ورد عن ابن مسعود قال: «كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا هكذا؛ ولكن قولوا التحيات لله وذكره»» رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وعن عمر بن الخطاب قال: «لا تجزئ صلاة إلا بتشهد» رواه سعيد في «سننه»، والبخاري في «تاريخه»، وعن ابن مسود قال: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» رواه الجماعة. وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: «التحيات المباركات، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله»» رواه مسلم وأبو داود بهذا اللفظ، ورواه ابن ماجه كمسلم لكنه قال: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
    س216: ما الدليل على أن الجلوس للتشهد الأخير ركن من أركان الصلاة؟ وما الدليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ركن من أركانها؟
    ج: أما دليل الجلوس للتشهد، فالأحاديث المتقدمة الدالة على فرضية التشهد الأخير، ومداومته صلى الله عليه وسلم وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري، وأما الصلاة على النبي، فكذلك تقدم ما يدل عليها، وروى كعب بن عجرة قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»» رواه الجماعة، إلا أن الترمذي قال فيه على إبراهيم في الموضعين لم يذكر آله، وعن أبي مسعود قال: «أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم»» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه.
    س217: ما الدليل على أن الترتيب بين أركان الصلاة ركن من أركانها؟
    ج: حديث المسيء وتقدم قريبًا، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي كذلك مرتبًا، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
    س218: ما الدليل على أن التسليمتين ركن من أركان الصلاة؟
    ج: تقدم حديث علي بن أبي طالب عند تكبيرة الإحرام، وعن ابن مسعود «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
    36- واجبات الصلاة
    س219: كم واجبات الصلاة؟ وما هي؟ وما الفرق بينها وبين الأركان؟
    ج: واجباتها ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرات الإحرام، وقوله: سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول: سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد، وقول: ربنا ولك الحمد للكل، وقو: سبحان ربي الأعلى في السجود، وقول: رب اغفر لي بين السجدتين، والتشهد الأول والجلوس له؛ فأما الواجبات فما سقط منها عمدًا بطلت الصلاة بتركه وسهوًا جبره بسجود السهو، وأما الأركان فلا تسقط عمدًا ولا سهوًا ولا جهلاً.
    قال «المختصر للنظم»:
    وواجبها التكبير غير الذي مضى
    بكل ركوع أو سجود ومرة
    وسن ثلاثًا والتشهد أولاً
    وتسميع التحميد تسبيحة قد
    سؤالك غفرانًا هديت بمقعد
    وجلسته هذي الثمانية اعدد

    س220: ما الدليل على أن التكبير غير تكبيرة الإحرام واجب من واجبات الصلاة؟
    ج: ما ورد في حديث أبي موسى الأشعري مرفوعًا: «فإذا كبر الإمام وركع فكبروا واركعوا، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا» رواه أحمد وغيره، ولما في حديث أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها ويكبر حين يقوم من اثنتين بعد الجلوس» متفق عليه.
    وعن ابن مسعود قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
    س221: ما الدليل على أن قول سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول سبحان ربي الأعلى في السجود واجب من واجبات الصلاة؟
    ج: ما ورد عن حذيفة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى» رواه الجماعة إلا البخاري. وعن عقبة بن عامر قال لما نزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا في ركوعكم»، فلما نزلت: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، قال: «اجعلوها في سجودكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
    وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
    وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» متفق عليه.
    س222: ما الدليل على أن قول سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد واجب من واجبات الصلاة؟ وأن قول ربنا ولك الحمد للإمام والمنفرد والمأموم واجب من واجبات الصلاة؟ وهل لهم أن يزيدوا على ذلك؟
    ج: ما ورد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» متفق عليه.
    وتقديم حديث أبي هريرة في جوانب سؤال سابق: «وإن شاءوا زادوا» لما ورد عن أبي سعيـد الخـدري  قال: كان رسـول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه مسلم.
    وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه مسلم، وتقدم حديث عائشة قبل هذا الجواب.
    س223: ما الدليل على أن قول رب اغفر لي بين السجدتين واجب من واجبات الصلاة؟ وهل له أن يزيد على ذلك؟ وضح ذلك.
    ج: ما ورد عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي» رواه النسائي وابن ماجه. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني» رواه الأربعة، إلا النسائي واللفظ لأبي داود.
    س224: ما الدليل على أن التشهد الأول واجب من واجبات الصلاة؟ وأن الجلوس له واجب أيضًا من واجباتها؟
    ج: ما ورد عن ابن مسعود قال: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع به ربه عز وجل» رواه أحمد والنسائي.
    وعن رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قمت في صلاتك فكبر، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن، فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد» رواه أبو داود.
    37- سنن الصلاة ـ سنن الأقوال
    س225: اذكر ما تستحضره من سنن الأقوال مقرونًا بالأدلة.
    ج: الاستفتاح وتقدم، وهو قوله بعد تكبيرة الإحرام: «سبحانك اللهم وبحمدك... إلخ» وإن شاء استفتح بما ورد عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر سكت هنيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: «أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطايا بالماء والثلج والبرد»» رواه الجماعة إلا الترمذي، ومنها التعوذ لقوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
    وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا قام إلى الصلاة يستفتح ثم يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه»» رواه أحمد والترمذي، ومنها البسملة، لما روت أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية؛ ولأن الصحابة أثبوتها في المصاحف»، وعن نعيم المجمر أنه قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله » رواه النسائي. ومنها التأمين لحديث: «إذا أمن الإمام فأمنوا» متفق عليه.
    وعن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ قال آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول» رواه أبو داود وابن ماجه، ومنها قراءة السورة بعد الفاتحة في الأوليين من رباعية أو مغرب، وفي صلاة الفجر والجمعة والعيدين والتطوع كله، ومنها الجهر بالقراءة للإمام في الصبح والجمعة والعيدين والأوليين من مغرب وعشاء،
    لما ورد عن قتادة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانًا ويطول في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية وهكذا في الصبح» متفق عليه.
    وعن جبير بن مطعم قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ق وَالْقُرْآنِ المَجِيدِ  ونحوها وكانت صلاته بعد إلى تخفيف، وفي رواية كان يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى، وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك.
    وعن عائشة -رضي الله عنها- «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين» رواه النسائي، وعن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» رواه ابن ماجه وعن عروة قال: «إن أبا بكر الصديق  صلى الصبح فقرأ فيهما بسورة البقرة في الركعتين» رواه مالك في «الموطأ»، وعن عبدالله بن عامر بن ربيعة قال: «صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيهما بسورة (يوسف) وسورة (الحج) قراءة بطيئة، قيل له: إذًا لقد كان يقوم فيهن حين يطلع الفجر؟ قال: أجل» رواه مالك.
    وعن الفرافصة بن عمير الحنفي قال: «ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها» رواه مالك. وعن أبي سعيد الخدري قال: «لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى بما يطولها» رواه مسلم.
    وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معاذ، أفتان أنت؟»، أو قال: «أفاتن أنت؟ فلو صليت بـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى» متفق عليه.
    وتأتي إن شاء الله أدلة الجمعة، والعيدين، والتطوع في مواضعهما، ومن سنن الصلاة الجهر بآمين، وتقدم الدليل لها، ومنها قول: «ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد». وتقدم في جواب سؤال سابق.
    ومنها: ما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود ورب اغفر لي، لحديث سعيد بن جبير عن أنس قال: «ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة به من هذا الفتى –يعني عمر بن عبدالعزيز- قال: فحرزنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، ولحديث عون عن ابن مسعود مرفوعًا: «إذا ركع أحدكم فليقل سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، سبحان ربي العظيم وذلك أدنى، وإذا سجد فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، وذلك أدنى» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، لكنه مرسل كما قال البخاري في «تاريخه»، لأن عونًا لم يسمع من ابن مسعود لكن عضده قول الصحابي وفتوى أكثر أهل العلم.
    ومنها الصلاة على آله –عليه السلام- والبركة عليه وعليهم، لحديث كعب ابن عجرة «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»» متفق عليه. والدعاء بعده، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.

    38- سنن الأفعال
    س226: اذكر ما تستحضره من سنن الأفعال مقرونًا بالدليل.
    ج: من ذلك رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه وحطما عقب ذلك؛ لأن مالك بن الحويرث كان إذا صلى كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه رفع يديه، وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع هكذا، متفق عليه.
    ومنها: وضع اليمين على الشمال وجعلهما على صدره أو تحت سرته، لحديث وائل بن حجر، وفيه: «ثم وضع اليمنى على اليسرى» رواه أحمد ومسلم، وقال علي: من السُّنة في الصلاة، وضع الأكف على الأكف تحت السرة، ولما أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» من حديث وائل بن حجر قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره».
    ومنها: نظر المصلي إلى موضع سجوده إلا في صلاة الخوف، لما روى ابن سيرين «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره في السماء فنزلت هذه الآية الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ  فطأطأ رأسه» رواه أحمد في «الناسخ والمنسوخ»، وسعيد بن منصور في «سننه» بنحوه، وزاد: «وكانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه» وهو مرسل.
    ومنها: التفرقة بين القدمين وأن يراوح بينهما إذا طال قيامه ولا يكثر ذلك، لما روى الأثرم عن أبي عبيدة قال: «رأى عبدالله رجلاً يصلي صافًا بين قدميه، فقال: لو راوح هذا بين قدميه كان أفضل» رواه النسائي، ولفظ قال: «أخطأ السنة لو راوح بينهما كان أعجب إلى» قال الأثرم: «رأيت أبا عبدالله يفرج بين قدميه ورأيته يراوح بينهما» وروى نحو هذا عن ميمون والحسن.

    ومنها: قبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه، ومد ظهره فيه، وجعل رأسه حياله، لحديث ابن مسعود «أنه ركع فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي لحديث أبي حميد ويأتي إن شاء الله، ومنها البداءة في سجوده بوضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، لحديث وائل بن حجر قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» رواه الخمسة إلا أحمد.
    ومنها: مجافاة عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وتفريقه بين ركبتيه، وإقامة قدميه، وجعل بطون أصابعه على الأرض مفرقة، ووضع يديه حذو منكبيه مبسوطة مضمومة الأصابع، لحديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فيه: «وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه»، وفي حديث ابن بحينة: «كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه» متفق عليه، وفي حديث أبي حميد: «ووضع كفيه حذو منكبيه» رواه أبو داود والترمذي وصححه، وفي لفظ: «سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة».
    ومنها: رفع يديه أولاً في قيامه إلى الركعة، لحديث وائل بن حجر وتقدم.
    ومنها: قيامه على صدور قدميه واعتماده على ركبتيه بيديه، لحديث أبي هريرة: «كان ينهض على صدور قدميه»، وفي حديث وائل بن حجر: «وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه» رواه أبو داود.
    ومنها: الافتراش في الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول، لقول أبي حميد: «ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها»، وقال: «إذا جلس في الركعتين جلس على اليسرى ونصب الأخرى»، وفي لفظ: «وأقبل بصدر اليمنى على قبلته».
    ومنها: التورك في التشهد الأخير، لقول أبي حميد: «فإذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخرج رجله اليسرى وجلس متوركًا على شقه الأيسر وقعد على مقعدته» رواه البخاري.
    ومنها: وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع بين السجدتين وكذا في التشهد إلا أنه يقبض من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامها مع الوسطى ويشير بسبابتها عند ذكر الله، لحديث ابن عمر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع أصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها» رواه أحمد ومسلم، وفي حديث وائل بن حجر «ثم قبض ثنتين من أصابعه، وحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها» وأبو داود والنسائي.
    ومنها: التفاته يمينًا وشمالاً في تسليمه ونيته به الخروج من الصلاة، وتفضيل اليمين على الشمال في الالتفات، لحديث عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده» رواه أحمد ومسلم؛ فإن لم ينوبه الخروج من الصلاة لم تبطل نص عليه، فإن نوى به الرد على الملكين أو على من معه فلا بأس نص عليه، لحديث جابر: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض» رواه أبو داود.

    نظم سنن الصلاة
    ورفع يديه سنة في افتتاحها
    ورفعهما قد صح عند قيامه
    ومد وضمن الأصابع رافعًا
    ويعلن تكبير الجميع وغير من
    ووضع اليدين اختره من تحت سرة
    وينظر ندبًا غير من كان خالفًا
    ويشرع الاستفتاح تلو ابتدائها
    ومن بعده فليستعذ من عدونا
    وبالكل في آمين للكل فاجز من
    وسورة أو بعضًا تلي الحمد فاتل في
    ويجهر في الفجر الإمام وجمعة
    وبالركبتين اقبض بكفيك راكعًا
    وملء السماء والأرض ندبًا وملء ما
    وعضديك عن جنبيك نح مجانبًا
    وفخذيك عن ساقيك وافرق لركبة
    وللركبتين اقبض بكفيك ناهضًا
    وسُنَّ افتراش في التشهد أولاً
    وهذا بما كررت فيه تشهدًا
    وضع فوق فخذيك اليدين وحلق
    ويشرع في حق النساء تربع
    وللقبلة استقبل من الرجل ساجدًا
    وللكتفين اجعل يديك محاذيًا
    ورمق الفتى فيه مكان سجوده
    ومن أربع من قبل تسليمك استعذ
    فهذا جميع لا سجود لسهوه
    وعند ركوع ثم عنه لمصعد
    من الركعتين اتبعه هدى مقلد
    إلى منكب والبيت واجه بأجود
    يؤم فلا يسمع سوى نفسه قد
    مع الوضع لليمنى على الكوع فاقتد
    لحاجته في الخوف موضع مسجد
    بسبحانك اللهم أولى لنقد
    مسرًا كبسم الله في قول مقتد
    بما فيه من جهر بالقرآن الممجد
    مقدمتي ما زاد والفجر تقتد
    وفي أولى فرضي عشاءيه قيد
    وراع استواء الظهر بالرأس وامدد
    تشأ بعد من شيء فقل تلو ما ابتدى
    وعن فخذيك البطن جاف وبعد
    عن الركبة الأخرى كفعل المرشد
    على صدر أقدام إذا لم يجهد
    وفي آخر سن التورك فاقعد
    فإن تك مثنى فافرشن وتشهد
    اليمين وللسبابة ارفع وأحد
    أو الجعل الرجلين عن يمنة اليد
    هديت بأطراف الأصابع تقتدي
    ولا تبسط الزندين حالة مسجد
    أبر له من غفلة وتبدد
    ومن يدع بالمأثور يحظ ويسعد
    في الأولى ولا تبطل بترك التعمد



    39- ما يكره في الصلاة
    س227: ما الذي يكره في الصلاة؟ وما دليله؟ اذكرهما بوضوح.
    ج: يكره للمصلي رفع بصره إلى السماء، والتفاته بلا حاجة، وأن يكون تائقًا لطعام ونحوه ما لم يضق الوقت فنجب، ويحرم اشتغاله بغيرها، وافتراش ذراعيه ساجدًا، وعبثه، وتخصره وتروحه، والتمطي، واستقبال صورة وكف شعره وعقصه، وحمل مشغل له، واستقبال ما يلهيه، ومس الحصى وتسوية التراب بلا عذر، وفرقعة أصابعه وتشبيكها، ومس لحيته، وكف ثوبه، وأن يخص جبهته بما يسجد عليه، واعتماده على يده في جلوسه، وأن يكتب أو يعلق في قبلته شيئًا مما يشغل المصلي، وإقعاؤه ونقر الصلاة، وأن يكون حاقنًا، أو حاقبًا، أو حازقًا، واستقبال نار سواء كان نار حطب أو سراج أو قنديل أو شمعة».
    س228: ما الدليل على كراهة رفع البصر إلى السماء في الصلاة؟ وكراهة الالتفات فيها؟
    ج: ما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
    وأما الالتفات، فلما ورد عن عائشة قالت: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هو الاختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد»» رواه البخاري، وللترمذي وصححه: «إياك والالتفات في الصلاة؛ فإنه هلكة؛ فإن كان لابد ففي التطوع».
    س229: ما الدليل على كراهة ابتداء الصلاة وهو تائق إلى طعام ونحوه؟

    ج: ما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان» رواه مسلم وألحق بذلك ما في معناه، كالشرب والجماع ونحو ذلك مما يزعج أو يمنع حضور القلب أو خشوعه. والله أعلم.
    س230: ما الدليل على كراهة افتراش الذراعين حال السجود وكراهة التخصر؟
    ج: ما ورد في حديث أنس مرفوعًا: «اعتلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب» متفق عليه.
    وأما الدليل على كراهة التخصر، فهو ما ورد عن أبي هريرة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل متخصرًا» رواه البخاري ومسلم، وعن عائشة: «أنها كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله» رواه البخاري.
    س231: اذكر الدليل على كراهة العبث، والتروح، والتمطي، واستقبال الصورة وما يلهي، ولماذا خصت الجبهة بالكراهة دون غيرها؟
    ج: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانيته، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي» متفق عليه، ولما فيه من التشبه بعباد الأوثان؛ وأما العبث والتروح والتمطي، فلما روي أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يعبث في صلاته، فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» وخصت الجبهة لأنه من شعار الرافضة».
    س232: ما الدليل على كراهة مس الحصى، أو مسحه، أو تسوية التراب؟ والإنسان في الصلاة أو مسح أثر السجود وهو يصلي؟

    ج: ما ورد عن معقيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد: «إن كنت فاعلاً فواحدة» رواه الجماعة، وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة؛ فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى» رواه الخمسة، وفي رواية لأحمد: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مس الحصى، فقال: «واحدة أودع»».
    س233: ما الدليل على كراهة فرقعة الأصابع، وتشبيكها، ومس اللحية، وكف ثوبه، والاستناد بلا حاجة، وعقص الشعر وكفه وفرقعة الأصابع؟
    ج: ما ورد عن علي مرفوعًا: «لا تقعقع أصابعك في الصلاة» رواه ابن ماجه، وعن كعب بن عجرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه» رواه الترمذي وابن ماجه. وقال ابن عمر في الذي يصلي وهو مشبك: «تلك صلاة المغضوب عليهم» رواه ابن ماجه.
    وأما الدليل على كراهة مس اللحية، فلأنه من العبث وتقدم دليله، وأما كف الثوب والشعر، فلما ورد عن ابن عباس قال: «أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرًا ولا ثوبًا الجبهة واليدين والركبتين والرجلين» أخرجاه.
    وأما الدليل على عقص الشعر، فهو ما ورد عن ابن عباس «أنه رأى عبدالله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص إلى ورائه، فجعل يحل وأقر له الآخر، ثم أقبل على ابن عباس، فقال: مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف»» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
    وعن رافع قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص» رواه أحمد وابن ماجه، وأما الاستناد، فلأنه يزيل مشقة القيام، وأما عند الحاجة فلا بأس به «لأنه صلى الله عليه وسلم لما أسن وأخذه اللحم، اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه» رواه أبو داود، وأما حمل المشغل، فلأنه يشغل القلب ويمنع الخشوع:
    ويكره للمرء المصلى التفاته
    ويكره تغميض العيون ورفعها
    وكف الفتى ثوبًا وشعرًا وعقصه
    وفرقعة والشبك بين أصابع
    وللعبث اكره والتحضر بعده
    وتكره من شخص يدافع أخبثًا
    ويكره إقعاء وحمل لمشغل
    بلا حاجة والجسم إن دار تفسد
    وفرش ذراعي ساجد مع تميد
    ومسح جباه والحصى المتبدد
    ونظرة مله للخشوع مبعد
    التروح أيضًا واعتمادًا على اليد
    ومن تائق نحو الطعام الممهد
    وتكراره للحمد في الركعة اعدد

    س234: ما هو الإقعاء؟ وما الدليل على كراهته؟ وما الدليل على كراهة نقر الصلاة واستقبال نار؟
    ج: الإقعاء: أن يلصق إليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويصنع يديه بالأرض، كإقعاء الكلب، والدليل على كراهته، ما ورد عن أبي هريرة قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب» رواه أحمد، وروى الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقعي بين السجدتين»، وعن أنس مرفوعًا: «إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقعي كما يقعى الكلب» رواهما ابن ماجه؛ وأما استقبال النار، فلأنه تشبه بالمجوس الذين يعبدون النار.
    40- من ما يبطل الصلاة
    س235: اذكر ما تستحضره من ما يبطل الصلاة؟ وما الأدلة الدالة على ما تذكر؟
    ج: يبطلها ما أبطل الطهارة؛ لأنها شرط، وكشف العورة لا إن كشفها نحو ريح فسترها في الحال، واستدبار الكعبة حيث شرط استقبالها، واتصال النجاسة؛ فإن أزالها سريعًا صحت، لحديث أبي سعيد وتقدم في جواب سؤال سابق، ويبطلها العمل الكثير المتوالي عرفًا من غير جنس الصلاة لغير ضرورة وتعمد زيادة ركن فعلي؛ لأنه يخل بهيئتها، وتعمد تقديم بعض الأركان على بعض؛ لأن ترتيبها ركن كما تقدم، وتعمد السلام قبل إتمامها؛ لأنه تكلم فيها وبفسخ النية، وتبطل الصلاة بالكلام عمدًا من عالم أنه يبطل، لحديث زيد ابن أرقم قال: «كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام» رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وتبطل بسلامه عمدًا قبل إمامه، لأنه ترك متابعته لغير عذر، وبالأكل والشرب عمدًا، لا بأكل وشرب يسيرين عرفًا سهوًا أو جهلاً، لحديث: «عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان».
    س236: بين أحكام ما يلي: جمع سورتين في ركعة، تكرار سورة في ركعتين، ملازمة سورة بعينها، واذكر دليل كل حكم.
    ج: يجوز ذلك بلا كراهة، لما في «الصحيح»: «أن رجلاً من الأنصار كان يؤمهم فكان يقرأ قبل كل سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثم يقرأ سورة أخرى معها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على لزوم هذه السورة؟» فقال: إني أحبها، فقال: «حبك إياها أدخلك الجنة»» رواه مالك في الموطأ. وعن عبدالله ابن مسعود أنه قال: «لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين في كل ركعة» متفق عليه، وعن معاذ بن عبدالله الجهني قال: «إن رجلاً من جهينة أخبر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح إِذَا زُلْزِلَتِ في الركعتين كلتيهما فلا أدري أنسي أم قرأ ذلك عمدًا؟» رواه أبو داود.
    س237: بين حكم قراءة أواخر السور وأوساطها، واذكر الدليل على ما تقول.
    ج: يجوز لقوله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ.
    ولما روى أحمد ومسلم عن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى من ركعتي الفجر قوله تعالى: قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الآية، وفي الثانية الآية في آل عمران: قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ الآية».
    وليس بمكروه قراءة زائد
    كذلك أن تقرأ أواخر سورة
    على سورة في الفرض كالنفل فاشهد
    وأوساطها أيضًا فلا تتردد

    سترة المصلي
    س238: بين أحكام ما يلي: اتخاذ سترة للمصلي، مقدارها، قربه منها، رد المار بين يدي المصلي، واذكر الدليل على ما تذكر موضحًا.
    ج: تسن الصلاة إلى سترة قائمة كمؤخر الرحل، لحديث طلحة بن عبدالله مرفوعًا: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك» رواه مسلم؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى حربة وإلى بعير، رواه البخاري، ويستحب قربه منها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «صلى إلى الكعبة وبين يديه الجدار نحو من ثلاثة أذرع» رواه أحمد والبخاري؛ ولحديث سهل بن بحينة مرفوعًا: «إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته» رواه أبو داود.
    وعن سهل بن سعد: «كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين السترة ممر الشاة» رواه البـخـاري. ويـسـن لـه رد المار بـين يديه بدفعه بلا عنـف آدميًا كـان أو غيره، فرضًـا كانـت الصلاة أو نفلاً، لحديث أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه؛ فإن أبى، فليقاتله فإن معه القرين» رواه مسلم، ولأبي داود: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه وليدرأ ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان، ولا يكرر الدفع إن خاف فسادها».
    ويجزئ عن ستر ثلاثة أذرع
    وإن يمرر الإنسان في غير مكة
    تجاه المصلي من ورا ذاك فاغتد
    ورا سترة عن ذاك فادفعه واصدد

    س239: إذا لم يجد شاخصًا وتعذر عليه غرر عصا ونحوها، فما الحكم؟
    ج: يخط خطًا، لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا؛ فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا، فليخط خطًا ولا يضر ما مر بين يديه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
    س240: ما الذي يقطع الصلاة ومتى يقطعها؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.
    ج: يقطعها المرأة، والحمار، والكلب الأسود إذا مر بين المصلي وبين سترته، وإذا لم تكن له سترة فمر بين يديه قريبًا منه كقربه من السترة، أي ثلاثة أذرع فأقل من قدميه قطعها، لما ورد عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقطع صلاة الرجل المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود» الحديث، وفيه: «الكلب الأسود شيطان» أخرجه مسلم، وعن عبدالله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار» رواه أحمد وابن ماجه.
    وعن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود»، قلت: يا أبا ذر، ما بال الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: «الكلب الأسود شيطان» رواه الجماعة إلا البخاري.
    س241: هل سترة الإمام سترة لمن خلفه؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل.
    ج: نعم سترة الإمام سترة لمن خلفه، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «هبطنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من ثنية إلى أخرى، فحضرت الصلاة فعمد إلى جدار فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بهيمة تمر بين يديه، فما زال يداريها حتى لصق بطنه بالجدار، فمرت من ورائه» رواه أبو داود، فلولا أن سترته سترة لهم لم يكن بين مرورها بين يديه وخلفه فرق.
    س242: بين أحكام ما يلي: اتخاذ السترة للمأموم، إذا مر بين يدي المأمومين شيء مما يقطع الصلاة، أو بين يدي الإمام، المرور بين يدي المصلي؟
    ج: أولاً: يستحب للمأموم اتخاذ سترة ولا تبطل صلاة المأمومين بمرور شيء بين أيديهم، وإن مر ما يقطع الصلاة بين الإمام وسترته قطع صلاته وصلاتهم، ويحرم المرور بين المصلي وسترته أو قدرها إن لم يكن سترة، لما ورد عن أبي الجهم عبدالله بن الحارث بن الصمة الأنصاري ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه»، قال أبو النضر: لا أدري، قال أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة؟ رواه البخاري ومسلم.
    وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم أحدكم ما له في أن يمشي بين يدي أخيه معترضًا وهو يناجي ربه، لكان أن يقف في ذلك المقام مائة عام أحب إليه من الخطوة التي خطاها»
    رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما»، واللفظ لابن حبان.
    س243: اذكر الصور التي لا يرد فيها المصلي من مر بين يديه، وحكم صلاة من صلى في موضع يحتاج فيه إلى المرور، وهل تنقص بذلك صلاته؟
    ج: إذا غلبه المار ومر لم يرده من حيث جاء ثانيًا إذا كان محتاجًا إلى المرور بأن كل الطريق ضيقًا أو يتعين طريقًا ثالثًا في مكة المشرفة، فلا يرد المار بين يديه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «صلى بمكة والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة» رواه أحمد وغيره، وتكره صلاة بموضع يحتاج فيه إلى المرور وتنقص صلاته إن لم يرده نص عليه. روي عن ابن مسعود: أن ممر الرجل ليضع نصف الصلاة، قال القاضي: ينبغي أن يحمل نقص الصلاة على من أمكنه الرد فلم يفعل، أما إذا لم يمكنه الرد فصلاته تامة؛ لأنه لا يوجد منه ما ينقص الصلاة ولا يؤثر فيها ذنب غيره.
    س244: بين حكم ما يلي: إمام ارتج عليه أو غلط، من رأى بقربه حية أو عقربًا وهو يصلي، من انحل كور عمامته أو إزاره، وهو يصلي، وسق ما تستحضره من الأدلة على ما تذكر.
    ج: للمصلي أن يفتح على إمامه إذا ارتج عليه أو غلط في قراءة السورة فرضًا كانت الصلاة أو نفلاً، روي ذلك عن عثمان وعلي وابن عمر، لما روى ابن عمر «أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فلبس عليه، فلما انصرف، قال لأبي بن كعب: «أصليت معنا؟» قال: نعم، قال: «فما منعك؟»» رواه أبو داود، وقال الخطابي: إسناده جيد؛ ولأن ذلك تنبيه في الصلاة بما هو مشروع فيها أشبه التسبيح ويجب عليه الفتح على إمامه إذا ارتج عليه أو غلط في الفاتحة لتوقف صحة صلاته على ذلك، ولا يفتح المصلي على غير إمامه لعدم الحاجة إليه ولم تبطل الصلاة به؛ لأنه قول مشروع فيها، وله قتل حية وعقرب، لما ورد عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة العقرب والحية» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
    ولبس الثوب، ولف العمامة، وحمل شيء ووضعه، وإشارة بوجه، وعين ويد، ونحو ذلك من الأعمال اليسيرة لحاجة وإلا كره، لما روى وائل بن حجر «أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بإزاره وهو في الصلاة» وتقدم حمله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب في جواب سؤال سابق، ولما روى أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة» رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وأبو داود ورواه الترمذي من حديث ابن عمر، وقال: حسن صحيح.
    وعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فمشى حتى فتح لي، ثم رجع مقامه ووصفت أن الباب في القبلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، ولا تبطل بعمل القلب، لما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى؟ فإذا لم يدري أحدكم ثلاثًا صلى أو أربعًا، فليسجد سجدتين وهو جالس» متفق عليه. وقال البخاري: قال عمر: «إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة».
    س245: ما حكم رد المعصوم عن بئر ونحوه وإنقاذ الغريق والحريق، ونحوهما في حق المصلي؟ وماذا يعمل من نابه شيء مثل سهو إمامه أو نحوه؟
    ج: يجب عليه قطع الصلاة لذلك فرضًا كانت أو نفلاً؛ لأنه يمكن تدارك الصلاة بالقضاء بخلاف الغريق ونحوه، وإذا نابه شيء في الصلاة مثل سهو إمامه أو استئذان إنسان عليه سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، لما ورد عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء» متفق عليه. زاد مسلم: «في الصلاة».
    س246:هل للمصلي أن يدعو إذا مر بآية رحمة،ويتعوذ إذا مر بآية وعيد؟
    ج: وللمصلي التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة، ولو في فرض، لما ورد عن حذيفة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى، وما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها»» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
    وعن عبدالرحمن بن أبي ليلة عن أبيه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة ليس بفريضة، فمر بذكر الجنة والنار، فقال: «أ

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 9:03 pm