منتديات خالد عبدالناصر

منتديات خالد عبدالناصر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إذا كنت تحب السرور في الحياة فاعتن بصحتك، وإذا كنت تحب السعادة في الحياة فاعتن بخلقك، وإذا كنت تحب الخلود في الحياة فاعتن بعقلك، وإذا كنت تحب ذلك كله فاعتن بدينك.


    الموازنة بين المصالح والمفاسد ..والشأن المصري بعد الثورة

    avatar


    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الموازنة بين المصالح والمفاسد ..والشأن المصري بعد الثورة  Empty الموازنة بين المصالح والمفاسد ..والشأن المصري بعد الثورة

    مُساهمة   الجمعة يونيو 10, 2011 10:41 am

    :: الْـمُوَازَنَةُ بَيْنَ الْـمَصَالِحِ وَالْـمَفَاسِدِ، وَأَثَرُهَا فِي الشَّأْنِ الْـمِصْرِيِّ الْعَامِّ بَعْدَ الثَّوْرَةِ ::


    الْـحَمْدُ للهِ
    رَبِّ الْعَالَـمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ
    النَّبِيِّينَ وَإِمَامِ الْـمُتَّقِينَ، سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا
    مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى
    يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ..

    فإنَّ الشأنَ المصريَّ المتغيِّرَ بسرعةٍ بعدَ ثورةِ (25 يناير) قد فُتحتْ
    فيهِ آفاقٌ مِنَ العملِ السياسِيِّ والحزبيِّ المنظَّمِ، وتطلَّعَ كثيرٌ
    مِنَ المتدينينَ إلى المشاركةِ في ذلكَ، وبدأتْ تلوحُ في الأفقِ مقدِّمَاتٌ
    لذلكَ.

    ومعلومٌ أنَّ المشاركةَ في هذِهِ المجالاتِ السياسيَّةِ والبرلمانيَّةِ ـ
    على حسبِ الواقعِ المعاصرِ المليءِ بالمفاسدِ ـ محلُّ خلافٍ بين أهلِ
    العلمِ، وقد كُتِبَتْ في ذلك أبحاثٌ، وصُنِّفَتْ فيه تصانيفُ، فمِنْ
    مُحَرِّمٍ بإطلاقٍ، ومِنْ مجوِّز بضوابطَ معينةٍ، وَهذا الجوازُ هو
    بالمعنَى العامِّ الذي يشملُ الوجوبَ والاستحبابَ والإباحةَ المستويةَ
    الطرفينِ.

    والمقصودُ بالعملِ السياسيِّ هنا: السعيُ إلى تكوينِ أحزابٍ أو المشاركةُ
    فيها، أو الاشتراكُ في الوزاراتِ والمجالسِ النيابيَّةِ والتشـريعيَّةِ
    مِنَ الْبرلماناتِ ومجالسِ الشورَى وغيرِهَا مِنَ الْـمؤسساتِ السياسيَّةِ
    للدولةِ، مع ما يستتبِعُهُ ذلك من التحالفاتِ المؤقتةِ، والصفقاتِ
    المتبادلةِ مع بعضِ القوَى السياسيَّةِ العاملةِ؛ بغيةَ التمكينِ لشريعةِ
    اللهِ من خلالِ هذه المواقعِ، أو تحصيلِ بعضِ المصالحِ، أو منعِ أو تقليلِ
    بعضِ المفاسدِ الواقعةِ.

    والمبيحونَ لهذه المشاركةِ بضوابطَ يحتجونَ على الإباحةِ بحججٍ نقليَّةٍ،
    وموازناتٍ بين المصالحِ والمفاسدِ، ونظراتٍ مقاصديةٍ، وقواعدَ كليةٍ،
    ويستأنسونَ بنقولاتٍ عن أهلِ العلمِ.

    والمحرِّمونَ يحتجونَ كذلك بحُججٍ نقليَّةٍ، وتغليبٍ لجانبِ المفسدةِ،
    وقواعدَ كليَّةٍ، ولن يعدمُوا نقولاتٍ عن بعضِ أهلِ العلمِ يرونَ أنَّهَا
    تؤيِّدُ مسلكَهُمْ.

    وإنَّ من أهمِّ ما ينبغِي ضبطُهُ في هذا البابِ ـ وهو معظمُ أدلةِ
    الفريقينِ وأقواهَاـ الموازنةَ بين المصالحِ والمفاسدِ؛ لتحصيلِ أعظمِ
    المصالحِ، ودرءِ أعظمِ المفاسدِ؛ إِذِ الشريعةُ الإسلاميَّةُ الغراءُ جاءتْ
    بتحصيلِ المصالحِ وتكميلِهَا، ودرءِ المفاسدِ وتقليلِهَا؛ فمتى اجتمعتْ
    مصلحتانِ ولم يمكنْ جمعُهُمَا قُدِّمَتْ أعلاهُمَا؛ ومتى اجتمعتْ مفسدتانِ
    ولم يمكنْ دفعُهُمَا ارتُكِبَتْ أدناهُمَا.

    قالَ الشيخُ ابنُ عثيمينَ:
    وَادْفَعْ خَفِيفَ الضَّـرَرَيْنِ بِالْأَخَف وَخُذْ بِعَالِي الْفَاضِلَيْنِ لَا تَخَفْ


    ولذلك ركَّزْتُ في هذه الدراسةِ على المهمِّ مما يتعلَّقُ بالجانبِ
    النظريِّ التأصيليِّ لهذه القاعدةِ، مبتعدًا عَنِ الإطالةِ بالتدليلِ عليها
    وذِكرِ فروعِهَا وتطبيقاتِهَا البعيدةِ عن قضيَّتِنَا؛ لأنَّ القاعدةَ من
    حيثُ هي لا خلافَ فيها في الجانبِ النظريِّ، ولأنَّ الانشغالَ بما لا
    يمسُّ الواقعَ الحاليَّ من تطبيقاتٍ ليسَ هو الأهمَّ في ظلِّ هذه الأحداثِ
    المتسارعَةِ، والإشكالات المتتابعةِ، ولأنَّ المفترضَ أنَّ جمهورَ
    المخاطبينَ بهذا العلماءُ وطلبةُ العلمِ، وهم ليسوا بحاجةٍ إلى دراسةٍ
    تأصيليَّةٍ في هذهِ القاعدةِ، ولن أقدِّمَ لهم في هذا البابِ جديدًا عما في
    الكتبِ أو عمَّا هو حاصلٌ لديهِمْ.

    كما اهتمَّتِ الدِّراسةُ بالإكثارِ مِنَ النُّقولاتِ عَنِ العلماءِ
    الأعلامِ في تطبيقِ القاعدةِ بما يمسُّ الحالَ الذي نتكلمُ عليهِ؛
    للتعرُّفِ على طريقتِهِمْ في فهمِهَا وتنزيلِهَا، بما يفيدُ في تطبيقِهَا
    على نظيرِ كلامِهِمْ في واقعِنَا المعاصرِ؛ حيثُ يُلحقُ النظيرُ بنظيرِهِ،
    وتتسعُ المداركُ بكثرةِ المنقولِ.

    ولا يخلُو الأمرُ مِنَ التَّعريجِ على بعضِ الحُججِ النقليَّةِ القويَّةِ؛
    كالاستدلالِ بقصةِ سيدِنَا يوسفَ عليه السلام فِي تَوَلِّيهِ الوزارةَ،
    والنجاشيِّ ? فِي وِلايتِهِ العامة؛ لِـَما لهما من تعلُّقٍ بقضيَّةِ
    الموازنَةِ بين المصالحِ والمفاسدِ.

    ولمْ أذكرِ الْأدلةَ العامَّةَ المتعلِّقَةَ بالدعوةِ إلى اللهِ، والأمرِ
    بالمعروفِ والنهيِ عنِ الْـمُنكرِ وفقهِهِمَا؛ لئلَّا يطولَ الكلامُ
    ويتشعبَ، ولأنَّ الاستدلالَ بهذه العموماتِ لا يخلُو من نظرٍ ومناقشةٍ
    وأخذٍ وردٍّ.

    كما لمْ تَخْلُ الدراسةُ مِن ذِكْرِ أقوى حُجَجِ المانعينَ، وأقوى مَا
    نُوقشتْ بهِ، وإنْ كان ذلكَ قد أتى تبعًا؛ إِذِ الْـمقصودُ بالأصالةِ:
    التأصيلُ لهذا النظرِ المصلحيِّ، ومعرفةُ مسالكِ العلماءِ في تنزيلِهِ على
    الفروعِ المتعلِّقَةِ بما نحنُ فيه.

    وإنَّمَا دعانِي إلى الاقتصارِ على هذا القدرِ سرعةُ الأحداثِ في بلادِنا
    العزيزةِ مصرَ ـ حَرَسَهَا اللهُ ـ في أعقابِ الثورةِ المباركةِ، وهو مقتضٍ
    لعدمِ الإغراقِ في التنظيرِ، أو تَكرارِ ما لا تقتضِـي الحاجةُ تكرارَهُ،
    والمصنفاتُ والفتاوي في البابِ كثيرةٌ مِنَ الفريقينِ، وعامَّتُهَا لا
    يخلُو من ذِكرِ أدلةِ الفريقينِ، وما نُوقِشَتْ به؛ فمستقلٌّ ومستكثرٌ،
    لكنَّ إبرازَ الجانبِ المصلحيِّ، والنقولاتِ والتطبيقاتِ؛ هو الذي تمسُّ
    الحاجةُ إليهِ في هذه الآونةِ ـ فيمَا أرَى ـ، لاسِيَّمَا ولا يختلفُ
    العلماءُ في أنَّ المشاركاتِ السياسيةَ المعاصرةَ لا تخلُو من مفاسدَ
    كثيرةٍ، ولكنَّ الخلافَ في مدَى قياسِهَا بالنسبَةِ إلى المصالِحِ، بما
    يؤدِّي إلى ارتكابِ تلك المفاسدِ، أو دفعِهَا.

    لذلك كان الحرصُ على نقلِ ما يمسُّ الواقعَ ويُعِينُ على معرفةِ الواجبِ
    فيهِ، مع شيءٍ يسيرٍ مِنَ التَّنظيرِ، مما يُعِينُ على الوصولِ إلى
    المقصودِ، واللهُ الْـمُوَفِّقُ لَا ربَّ سواهُ.

    وَقَدْ قَسَّمْتُ الْبَحْثَ إِلَى مُقَدِّمَةٍ، وَأَرْبَعَةِ فُصُولٍ، وَخَاتِمَةٍ:
    الْـمُقَدِّمَةُ: في الكلامِ على مدخلٍ للبحثِ وبيانِ أهميَّتِهِ ومنهجِهِ.
    والْفَصْلُ الْأَوَّلُ: مدخلٌ تأصيليٌّ مختصرٌ لقاعدةِ الموازنَةِ بين المصالحِ والمفاسدِ.
    والْفَصْلُ الثَّانِي: الموازنةُ بين المصالحِ والمفاسدِ في استعمالِ مصطلحَيِ (الدِّيموقراطيَّةِ) و (الدولةِ المدنيَّةِ).
    والْفَصْلُ الثَّالِثُ: تنزيلُ قاعدَةِ الموازنةِ بين المصالحِ والمفاسدِ على المشاركاتِ السياسيةِ في الواقعِ المعاصرِ.
    والْفَصْلُ الرَّابِعُ: ردُّ بَعْضِ حُجَجِ المانعينَ المتعلِّقَةِ بقاعدةِ الموازنةِ بينَ المصالحِ والمفاسدِ.
    وأسألُ اللهَ تَعَالَى بأسمائِه الحسنَى وصفاتِه العلَى أنْ يلهمَنِي
    الرُّشدَ والصوابَ في القولِ والعملِ، ويُوفقَنِي لِـمَا يُحِبُّ ويرضَى
    ويجنِّبَنِي الزَّلَلَ، وينفعَنِي والمسلمينَ بما كتبتُ، ويهبَ لي منهُ
    رحمةً؛ إنه هو الوهابُ.


    .........................................
    الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
    مَدْخَلٌ تَأْصِيلِيٌّ مُخْتَصَرٌ لِقَاعِدَةِ الْموَازَنَةِ بَيْنَ المْصَالِحِ والمْفاسِدِ.

    لا يختلفُ العلماءُ في أنَّ الشريعةَ الإسلاميةَ الغراءَ جاءتْ بتحصيلِ
    المصالحِ وتكميلِهَا ودرءِ المفاسدِ وتقليلِهَا، وأنَّ مطلوبَهَا ترجيحُ
    خيرِ الخيرينِ إذا لم يمكنْ أنْ يجتمعَا جميعًا، ودفعُ شَرِّ الشرينِ إذا
    لم يمكنْ أنْ يندفِعَا جميعًا، فأعلَا المصلحتينِ تُحَصَّلُ ولو فاتَ
    أدناهُمَا، وأعلَا المفسدتينِ تُدْفَعُ بارتكابِ أدناهُمَا . وهذا واضحٌ
    يقبلُهُ كلُّ عاقلٍ، واتفقَ عليهِ أُولُوا العلمِ.

    فلا يجوزُ - مثلًا - تركُ واجبٍ لمستحبٍّ إذا لم يمكنِ اجتماعُهُمَا؛ ولا
    تقديمُ واجبٍ مُوَسَّعٍ على واجبٍ مُضَيَّقٍ، كما لا يجوزُ دفعُ الفسادِ
    القليلِ بارتكابِ الفسادِ الكثيرِ، ولا دفعُ أخفِّ الضررينِ بالوقوعِ في
    أعظَمِهِمَا.

    وَقَدْ قَالَ اللهُ ـ تَعَالَى ـ: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي
    لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء:9]، أَيْ: أصلحُ وأحسنُ، وَقَالَ ـ
    سُبْحَانَهُ ـ: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ
    أَحْسَنَهُ﴾ [الزمر:18]، وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلَا ـ: ﴿واتَّبِعُوا أَحْسَنَ
    مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الزمر:55]؛ فالواجبُ أحسنُ
    مِنَ المستحبِّ، كما أنَّ أحدَ الواجبينِ أَوِ المستحبيْنِ قد يكونُ أرجحَ
    مما دونَهُ وأحسنَ.

    وفي قصةِ الخضرِ عليه السلام مع موسَى عليه السلام حينَ خرقَ السفينةَ،
    وقتلَ الغلامَ؛ دلالةٌ واضحةٌ على هذا الأصلِ، وذلكَ أنَّ الحالَ كانتْ
    دائرةً بينَ خرقِهِ السفينةَ - وهي مفسدةٌ -، وذهابِ السفينةِ كلِّهَا
    غصبًا مِنَ الْـمَلِكِ الذي أمامَهُمْ - وهي مفسدةٌ أكبرُ -، فارتكبَ
    الخضرُ عليه السلام الأخفَّ منهُمَا، فخَرَقَ السفينةَ، وكذلك في شأنِ
    الغلامِ؛ فقد دارَ الأمرُ بينَ قتلِهِ - وهو مفسدةٌ -، وإبقائِهِ مع خشيةِ
    إرهاقِهِ لأبويهِ الطغيانَ والكفرَ وإفسادِهِ لدينِهِمَا - وهي مفسدةٌ
    أعظمُ -، فارتكبَ الخضرُ عليه السلام الأخفَّ منهُمَا بقتلِ الغلامِ.

    وهذا كلُّهُ ـ كما أسلفتُ ـ قدْرٌ مُتَّفَقٌ عليهِ بينَ العلماءِ، وإنَّما
    الخلافُ يحصلُ في تحقيقِ المناطِ، وتنزيلِ الكلامِ النظريِّ على واقعِ
    الناسِ المختلفِ بحسبِ الزمانِ والمكانِ والعوائدِ والأحوالِ .

    قَالَ سُلْطَانُ الْعُلَمَاءِ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ:
    «إِذَا اجْتَمَعَتْ مَصَالِحُ وَمَفَاسِدُ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ
    الْـمَصَالِحِ، وَدَرْءُ الْـمَفَاسِدِ؛ فَعَلْنَا ذَلِكَ امْتِثَالًا
    لِأَمْرِ اللهِ ـ تَعَالَى ـ فِيهِمَا؛ لِقَوْلِهِ ـ سُبْحَانَهُ
    وَتَعَالَى ـ: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16]، وَإِنْ
    تَعَذَّرَ الدَّرْءُ وَالتَّحْصِيلُ؛ فَإِنْ كَانَتِ الْـمَفْسَدَةُ
    أَعْظَمَ مِنَ الْـمَصْلَحَةِ دَرَءْنَا الْـمَفْسَدَةَ وَلَا نُبَالِي
    بِفَوَاتِ الْـمَصْلَحَةِ.. وَإِنْ كَانَتِ الْـمَصْلَحَةُ أَعْظَمَ مِنَ
    الْـمَفْسَدَةِ حَصَّلْنَا الْـمَصْلَحَةَ مَعَ الْتِزَامِ الْـمَفْسَدَةِ،
    وَإِنِ اسْتَوَتِ الْـمَصَالِحُ وَالْـمَفَاسِدُ؛ فَقَدْ يُتَخَيَّرُ
    بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يُتَوَقَّفَ فِيهِمَا، وَقَدْ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ
    فِي تَفَاوُتِ الْـمَفَاسِدِ».

    وَقَالَ أيضًا: «تَقْدِيمُ الْأَصْلَحِ فَالْأَصْلَحِ، وَدَرْءُ
    الْأَفْسَدِ فَالْأَفْسَدِ؛ مَرْكُوزٌ فِي طَبَائِعِ الْعِبَادِ نَظَرًا
    لَـهُمْ مِنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ،
    فَلَوْ خَيَّرْتَ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ بَيْنَ اللَّذِيذِ وَالْأَلَذِّ
    لَاخْتَارَ الْأَلَذَّ، وَلَوْ خُيِّرَ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْأَحْسَنِ
    لَاخْتَارَ الْأَحْسَنَ، وَلَوْ خُيِّرَ بَيْنَ فِلْسٍ وَدِرْهَمٍ
    لَاخْتَارَ الدِّرْهَمَ، وَلَوْ خُيِّرَ بَيْنَ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ
    لَاخْتَارَ الدِّينَارَ، لَا يُقَدِّمُ الصَّالِحَ عَلَى الْأَصْلَحِ
    إِلَّا جَاهِلٌ بِفَضْلِ الْأَصْلَحِ، أَوْ شَقِيٌّ مُتَجَاهِلٌ لَا
    يَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ الْـمَرْتَبَتَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ».

    الْـمَصَالِحُ الخالِصَةُ قَلِيلَةُ الوُجُودِ:
    ثُمَّ الْـمصالحُ المحضةُ عزيزةُ الوجودِ في الواقعِ، وما من مصلحةٍ في
    الغالبِ إلَّا وفيها شوبُ مفسدةٍ سابقةٍ أو مقارنةٍ أو لاحقَةٍ.

    قَالَ الْعِزُّ ?: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْـمَصَالِحَ الْخَالِصَةَ عَزِيزَةُ
    الْوُجُودِ، فَإِنَّ الْـمَآكِلَ وَالْـمَشَارِبَ وَالْـمَلَابِسَ
    وَالْـمَنَاكِحَ وَالْـمَرَاكِبَ وَالْـمَسَاكِنَ لَا تُحَصَّلُ إِلَّا
    بِنصبٍ مُقْتَرِنٍ بِهَا، أَوْ سَابِقٍ، أَوْ لَاحِقٍ، وَأَنَّ السَّعْيَ
    فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا شَاقٌّ عَلَى مُعْظَمِ
    الْخَلْقِ لَا يُنَالُ إِلَّا بِكَدٍّ وَتَعَبٍ، فَإِذَا حَصَلَتِ
    اقْتَرَنَ بِهَا مِنَ الْآفَاتِ مَا يُنَكِّدُهَا وَيُنَغِّصُهَا،
    فَتَحْصِيلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ شَاقٌّ...».

    وَقَالَ: «الْـمَصَالِحُ الْـمَحْضَةُ قَلِيلَةٌ، وَكَذَلِكَ الْـمَفَاسِدُ
    الْـمَحْضَةُ، وَالْأَكْثَرُ مِنْهَا اشْتَمَلَ عَلَى الْـمَصَالِحِ
    وَالْـمَفَاسِدِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : «حُفَّتِ الْجَنَّةُ
    بِالْـمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ»...».

    وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ?: «الْـمَصْلَحَةُ
    الْـمَحْضَةُ نَادِرَةٌ، فَأَكْثَرُ الْحَوَادِثِ فِيهَا مَا يَسُوءُ
    وَيَسُـرُّ، فَيَشْتَمِلُ الْفِعْلُ عَلَى مَا يَنْفَعُ وَيُحَبُّ
    وَيُرَادُ وَيُطْلَبُ، وَعَلَى مَا يَضَرُّ وَيُبْغَضُ وَيُكْرَهُ
    وَيُدْفَعُ، وَكَذَلِكَ الْآمِرُ يَأْمُرُ بِتَحْصِيلِ النَّافِعِ،
    وَيَنْهَى عَنْ تَحْصِيلِ الضَّارِّ، فَيَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ
    الْـمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْـمَنْفَعَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْغَصْبِ
    الْـمُشْتَمِلِ عَلَى الْـمَضَرَّةِ... فَإِنَّ وُجُودَ الشَّيْءِ قَدْ
    يَكُونُ مُرَادًا، وَيَكُونُ عَدَمُهُ مُرَادًا أَيْضًا؛ إذَا كَانَ فِي
    كُلٍّ مِنْهُمَا مَنْفَعَةٌ لِلْمُرِيدِ، وَيَكُونُ أَيْضًا وُجُودُهُ أَوْ
    عَدَمُهُ مُرَادًا مَكْرُوهًا، بِحَيْثُ يَلْتَذُّ الْعَبْدُ
    وَيَتَأَلَّـمُ بِوُجُودِهِ وَبِعَدَمِهِ... وَهَذِهِ حَالُ مَا اجْتَمَعَ
    فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْأُمُورِ... ».

    وَلْيُعْلَمَ: أنَّهُ إذا ثبتَ أنَّ الحسناتِ لها منافعُ، وإنْ كانتْ
    واجبةً كانَ في تركِهَا مضارٌّ، وأن السيئاتِ فيهَا مضارٌّ؛ فالتعارُضُ
    إمَّا بين حسنتَيْنِ لا يمكنُ الجمعُ بينهُمَا؛ فَتُقَدَّمُ أحسنُهُمَا
    بتفويتِ المرجوحِ، وإمَّا بين سيئتَيْنِ لا يمكنُ الخلوُّ منهُمَا؛
    فَيُدْفَعُ أسوأُهُمَا باحتمالِ أدناهُمَا، وإمَّا بينَ حسنةٍ وسيئةٍ لا
    يمكنُ التفريقُ بينهُمَا؛ بل فِعلُ الحسنةِ مُستلزِمٌ لوقوعِ السيئةِ؛
    وتركُ السيئةِ مستلزمٌ لتركِ الحسنةِ؛ فيرجَّحُ الأرجحُ من منفعةِ الحسنةِ
    ومضرَّةِ السيئةِ.

    فَالْأَوَّلُ أَعْنِي: التعارضَ بين حسنتَيْنِ لا يمكنُ الجمعُ بينهُمَا،
    فتُقَدَّمُ أحسنُهُمَا بتفويتِ المرجوحِ؛ كالواجبِ والمستحبِّ، مثل: تقديمِ
    قضاءِ الدَّيْنِ الـمُطالَبِ به على صدقةِ التطوعِ، وكفرضِ العينِ وفرضِ
    الكفايةِ، مثل: تقديمِ نفقةِ الأهلِ على نفقةِ الجهادِ الذي لَـمْ
    يتعيَّنْ؛ وتقديمِ نفقةِ الوالدَينِ عليهِ، كمَا في الحديثِ الصحيحِ:
    «أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟»، قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا»،
    قُلْتُ: «ثُمَّ أَيٌّ؟»، قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ»، قُلْتُ:
    «ثُمَّ أَيٌّ؟» قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ».

    ومن هذا البابِ تقديمُ المستحبِّ على المستحبِّ؛ كتقديمِ قراءَةِ القرآنِ
    على الذِّكرِ إذا استويَا في عملِ القلبِ واللسانِ، وتقديمِ الصلاةِ
    عليهِمَا إذا شاركتْهُمَا في عملِ القلبِ، وإلَّا فقدْ يترجَّحُ الذِّكْرُ
    بالفَهمِ والوجَلِ على القراءَةِ التي لا تُجَاوِزُ الحناجرَ . وهذا بابٌ
    واسعٌ.

    وَالثَّانِي: الذي هو التعارضُ بينَ سيئتينِ لا يمكنُ الخلوُّ منهُمَا؛
    فيُدفعُ أسوأُهُمَا باحتمالِ أدناهُمَا؛ كتقديمِ المرأةِ المهاجرةِ لسفرِ
    الهجرةِ بلا مَحْرَمٍ على بقائِهَا بدارِ الحربِ، كما فعلتْ أُمُّ كلثومٍ
    التي أنزلَ اللهُ فيهَا آيةَ الامتحانِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
    إِذَا جَاءَكُمُ الْـمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ...﴾ [الممتحنة:12]، وكتقديمِ
    قطعِ السارقِ ورجمِ الزانِي وجلدِ الشاربِ على مضرَّةِ السرقَةِ
    والزِّنَا والشُّـرْبِ، وكذلك سائرُ العقوباتِ المأمورِ بها؛ فَإِنَّمَا
    أُمِرَ بها مع أنَّهَا في الأصلِ سيئةٌ وفيها ضررٌ؛ لدفعِ ما هوَ أعظمُ
    ضررًا منها، وهي جرائِمُهَا؛ إذْ لا يمكنُ دفعُ ذلك الفسادِ الكبيرِ إلَّا
    بهذا الفسادِ الصغيرِ.

    وكذلكَ في بابِ الجهادِ، وإنْ كان قتلُ مَنْ لـم يقاتلْ مِنَ النِّساءِ
    والصبيانِ وغيرِهِمْ حرامًا؛ لكنْ متى احتيجَ إلى قتالٍ قد يعمُّهُمْ،
    مثلُ: الرمْيِ بالمنجنيقِ، والتبييتِ بالليلِ؛ جازَ ذلكَ، كما جاءتْ به
    السُّنَّةُ في حصارِ الطائفِ ورميهِمْ بالمنجنيقِ، وفي أهلِ الدارِ مِنَ
    الْـمشركينَ يُبيَّتونَ، وهو دفعٌ لفسادِ الفتنةِ بقتلِ مَنْ لا يجوزُ قصدُ
    قتلِهِ .

    وكذلكَ مسألةُ «التَّتَرُّسِ» التي ذكرَهَا الفقهاءُ؛ فإنَّ الجهادَ هو
    دفعُ فتنةِ الكفرِ، فيحصلُ فيها مِنَ الْـمضرَّةِ ما هو دُونَهَا؛ ولهذا
    اتَّفقَ الفقهاءُ على أنَّهُ متى لم يمكنْ دفعُ الضرَرِ عَنِ المسلمينَ
    إلَّا بما يُفضِي إلى قتلِ أولئكَ الْـمُتَتَرَّسِ بِهِمْ جازَ ذلك؛ وإنْ
    لم يخف الضرر لكن لم يمكنْ الجهادُ إلَّا بما يُفضِي إلى قتلِهِمْ؛ ففيه
    قولانِ.

    ومن ذلك إباحةُ نكاحِ الأمَةِ خشيةَ العنتِ، وهذا بابٌ واسعٌ .

    وَأَمَّا الثَّالِثُ: الذي هو التعارضُ بين حسنةٍ وسيئةٍ لا يمكنُ التفريقُ
    بينهما؛ بل فعلُ الحسنةِ مُستلزمٌ لوقوعِ السيئةِ؛ وتركُ السيئةِ مستلزمٌ
    لتركِ الحسنةِ؛ فيرجَّحُ الأرجحُ من منفعةِ الحسنةِ ومضرَّةِ السيئةِ،
    وذلكَ كأكلِ الميتةِ عندَ المخمصةِ؛ فإنَّ الأكلَ حسنةٌ واجبةٌ لا يمكنُ
    حصولُهُ إلا بهذه السيئةِ، ومصلحتُهَا راجحةٌ، وعكسُهُ الدواءُ الخبيثُ؛
    فإنَّ مضرَّتَهُ راجحةٌ على مصلحتِهِ من منفعةِ العلاجِ؛ لقيامِ غيرِهِ
    مَقامَهُ؛ ولأنَّ البُرءَ لا يتيقنُ به، وكذلكَ شربُ الخمرِ للدواءِ.

    فتبينَّ أنَّ السيئةَ تُحتملُ في موضعينِ: دفعُ ما هو أسوأُ منها إذا لم
    تدفعْ إلَّا بها، وتحصيلُ ما هو أنفعُ من تركِهَا إذا لم يحصلْ إلَّا بها.

    وَأَنَّ الْـحَسَنَةَ تُتْرَكْ فِي مَوْضِعَيْنِ: إذا كانتْ مُفَوِّتَةً
    لِـمَا هو أحسنُ منها؛ أو مُستلزِمةً لسيئةٍ تزيدُ مضرتُها على منفعةِ
    الحسنةِ. فهذا فيما يتعلَّقُ بالموازناتِ الدينيَّةِ.

    وأمَّا سقوطُ الواجبِ لمضرَّةٍ في الدنيا، وإباحةُ المحرَّمِ لحاجةٍ في
    الدنيا؛ كسقوطِ الصيامِ لأجلِ السفرِ، وسقوطِ محظوراتِ الإحرامِ وأركانِ
    الصلاةِ لأجلِ المرضِ؛ فهذا بابٌ آخرُ يدخلُ في سَعةِ الدينِ ورفعِ الحرجِ
    الذي قد تختلفُ فيه الشّـَرائِعُ، بخلافِ البابِ الأوَّلِ؛ فقد قرَّرَ
    شيخُ الإسلامِ ابن تيمية: أنَّ جنسَهُ مما لا يمكنُ اختلافُ الشرائِعِ
    فيهِ، وإِنِ اخْتلفتْ في أعيانِهِ؛ بل ذلك ثابتٌ في العقلِ، كمَا يُقالُ:
    «لَيْسَ الْعَاقِلُ الَّذِي يَعْلَمُ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ، وَإِنَّمَا
    الْعَاقِلُ الَّذِي يَعْلَمُ خَيْرَ الْخَيْرَيْنِ وَشَرَّ
    الشَّرَّيْنِ»، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ.

    - أقسامُ الأفعالِ مِنْ حيثُ ظهورُ المصالحِ والمفاسدِ وخفاؤُهما:
    ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ ـ أَنَّ الْأَفْعَالَ مِنْ حيثُ ظهورُ المصالحِ والمفاسدِ وخفاؤُهما ضَرْبَانِ:

    أَحَدُهُمَا: مَا خَفِيَتْ عَنَّا مَصَالِحُهُ وَمَفَاسِدُهُ، فَلَا
    نُقْدِمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَظْهَرَ مَصْلَحَتُهُ الْـمُجَرَّدَةُ عَنِ
    الْـمَفْسَدَةِ، أَوْ الرَّاجِحَةُ عَلَيْهَا، وَهَذَا الَّذِي جَاءَتِ
    الشَّرِيعَةُ بِمَدْحِ الْأَنَاةِ فِيهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ رُشْدُهُ
    وَصَلَاحُهُ.

    وَالثَّانِي: مَا ظَهَرَتْ لَنَا مَصْلَحَتُهُ، وَلَهُ حَالَانِ:
    أَحَدُهُمَا: أَلَّا تُعَارِضَ مَصْلَحَتَه مَفْسَدةٌ، وَلَا مَصْلَحَةٌ أُخْرَى؛ فَالْأَوْلَى تَعْجِيلُهُ.

    وَالثَّانِيَةُ: أَنْ تُعَارِضَ مَصْلَحَتَهُ مَصْلَحَةٌ هِيَ أَرْجَحُ
    مِنْهُ، مَعَ الْخُلُوِّ عَنِ الْـمَفْسَدَةِ، فَيُؤَخَّرُ رَجَاء
    تَحْصِيلِهِا، وَإِنْ عَارَضَتْهُ مَفْسَدَةٌ تُسَاوِيهِ قُدِّمَتْ
    مَصْلَحَةُ التَّعْجِيلِ؛ لِـمَا ذَكَرْنَا فِيمَا خَلَا عَنِ
    الْـمُعَارِضِ.

    وَالضَّابِطُ: أَنَّهُ مَهْمَا ظَهَرَتِ الْـمَصْلَحَةُ الْخَلِيَّةُ عَنِ
    الْـمَفَاسِدِ يُسْعَى فِي تَحْصِيلِهَا، وَمَهْمَا ظَهَرَتِ
    الْـمَفَاسِدُ الْخَلِيَّةُ عَنِ الْـمَصَالِحِ يُسْعَى فِي دَرْئِهَا،
    وَإِنِ الْتَبَسَ الْحَالُ احْتَطْنَا لِلْمَصَالِحِ بِتَقْدِيرِ
    وُجُودِهَا وَفَعَلْنَاهَا، وَلِلْمَفَاسِدِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهَا
    وَتَرَكْنَاهَا.

    قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ?: «وَالشَّرِيعَةُ تَأْمُرُ
    بِالْـمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ كَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ؛
    فَإِنَّ الْإِيمَانَ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْجِهَادَ وَإِنْ كَانَ
    فِيهِ قَتْلُ النُّفُوسِ فَمَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةٌ، وَفِتْنَةُ الْكُفْرِ
    أَعْظَمُ فَسَادًا مِنَ الْقَتْلِ، كَمَا قَالَ ـ تَعَالَى ـ:
    ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة:217]، وَنَهَى عَنِ
    الْـمَفَاسِدِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ، كَمَا نَهَى عَنِ الْفَوَاحِشِ
    مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَعَنْ: ﴿الْإِثْمَ وَالْبَغْيَ
    بِغَيْرِ الْـحَقِّ وَأَنْ تُشْـرِكُوا بِاَللهِ مَا لَـمْ يُنَزِّلْ بِهِ
    سُلْطَانًا، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
    [الأعراف:33]، وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَا يُبِيحُهَا قَطُّ فِي حَالٍ مِنَ
    الْأَحْوَالِ، وَلَا فِي شِرْعَةٍ مِنَ الشَّـرَائِعِ، وَتَحْرِيمُ الدَّمِ
    وَالْـمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    مِمَّا مَفْسَدَتُهُ رَاجِحَةٌ، وَهَذَا الضَّـرْبُ تُبِيحُهُ عِنْدَ
    الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ فَوَاتِ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ
    مَفْسَدَةِ الِاغْتِذَاءِ بِهِ».




    .........................................
    وللحديث تتمة..


    كتبه
    محمد عبد الواحد

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 10:43 pm