[ العقائد الإسلامية - إبن باديس ]
الكتاب : رواية محمد الصالح رمضان
المؤلف : عبد الحميد بن باديس
الناشر : دار الفتح - الشارقة
الطبعة الأولى ، 1995
تحقيق : محمد الصالح رمضان
عدد الأجزاء : 1
العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية - للأستاذ العلامة عبد الحميد بن باديس
(1/1)
افتتاح
الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونعوذ به من شرورانفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمدا عبده ورسوله
اما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
(1/21)
قواعد الإسلام بيان قواعد لإسلام الخمس من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
قال رسول الله بني الإسلام على خمس شهادة ان لا اله الا اله وان محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت
الكلام على القاعدة الأولى وما يتعلق بها
1 - لا نجاة لأحد عند الله تعالى الا بالدخول في الإسلام
لقوله تعالى ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
ولقوله تعالى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون
(1/22)
2 - الإسلام هو دين الله الذي أرسل به جميع رسله
لقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام ولقوله تعالى ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ولقوله تعالى يحكم بها النبيون الذين أسلموا ولقلوه تعالى وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
3 - وما جاء به محمد هو الإسلام الذي لا نجاة لأحد الا بالدخول فيه
لقوله تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
(1/23)
العالمين لا شريك لله وبذلك أمرت وانا أول المسلمين
ولقوله تعالى فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين اوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد
4 - لا يدخل أحد في الإسلام الا بالإيمان بالنبي
لقوله تعالى يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم
ولقوله تعالى قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا اله الا هو يحيى ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون
(1/24)
ولقوله والذي نفسي بيده لا يسمع بي احد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به الا كان من أصحاب النار
رواه مسلم عن أبي هريرة
5 - الدخول في الإسلام والإيمان بالنبي ويكون بشهادة ان لا إله الا الله وان محمد رسول الله
لقول رسول الله لمعاذ بن جبل لما بعثه لليمن إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادتي ان لا اله الا الله وأني رسول الله فإن هم
(1/25)
أطاعوا لذلك فأعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله أفرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد إلى فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب رواه مسلم
6 - اول واجب على المكلف من مسلم بالغ او كافر يريد الدخول في الإسلام ان يعلم ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله لحديث معاذ المتقدم ولحديث وفاة أبي طالب
لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي امية فقال رسول الله
(1/26)
يا عم قل لا إله الا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن امية يا ابا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويعيدان عليه تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى ان يقول لا اله الا الله
(1/27)
ولقوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله
7 - لا يكفي النطق بكلمتي الشهادة إذا كان الناطق بهما لا يفهم أصل معناهما
لقوله في الحديث المقدم أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به
8 - ويكفي للدخول في الاسلام ما دل على معناها
لحديث بني جذيمة قال عبد الله بن عمر
(1/28)
بعث النبي خالد بن الوليد الى بني جذيمة فدعاهم الى الإسلام فلم يحسنوا ان يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي فذكرناه له فرفع النبي يده فقال اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد مرتين رواه البخاري
(1/29)
9 - ولا يكفي النطق بالشهادتين وفهم معناهما الا مع التصديق التام والاعتقاد الجازم به
لقوله تعالى فاعلم انه لا إله الا الله ولقوله تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
10 - من حصل له اليقين بإخبار الرسول كفاه ذلك اليقين لحديث ضمام بن ثعلبة قال أنس رضي الله تعالى عنه
بينما نحن جلوس مع النبي في المسجد إذ دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم علقه ثم قام أيكم محمد قلنا هذا الرجل الأبيض المتكىء
فقال ابن عبد المطلب فقال النبي قد أجبت
(1/30)
فقال إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك قال سل عما بدا لك
فقال أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم قال اللهم نعم
قال أنشدك بالله تعالى آلله أمرك ان تصوم هذا الشهر من السنة قال اللهم نعم
قال أنشدك بالله تعالى آلله أمرك ان تأخذ هذه الصدقة من اغنيائنا فتقسمها على فقرائنا قال اللهم نعم
قال الرجل آمنت بما جئت به وانا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة اخو بني سعد بن بكر
رواه البخاري ومسلم وغيرهما
(1/31)
11 - يجب على المؤمن مع تصديقه وجزمه ان ينظر في آيات الله ويستعمل عقله للفهم كما يجب عليه جميع الواجبات في الإسلام
لقوله تعالى قل انظروا ماذا في السموات والأرض فلينظر الإنسان مم خلق فلينظر الإنسان الى طعامه أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت
(1/32)
12 - النظر الواجب على المكلف هو النظر على الطريقة التي جاء بها القرآن كما في الآيات المتقدمة لقوله تعالى
وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه
13 - من عرضت له شبهة وجب عليه ان يبادر الى إزالتها بالنظر بنفسه او بسؤال غيره من أهل العلم لقوله تعالى وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ولقوله تعالى فإن كنت في شك مما انزلنا عليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ولقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
14 - من وردت على قلبه خطرات من دون شبهة فليستعذ بالله وليقل آمنت بالله ورسوله
ولقوله تعالى
(1/33)
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم
ولحيث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ومن طريق آخر فليقل أمنت بالله ورسله
(1/34)
بيان معنى الإسلام
15 - يجيء لفظ الإسلام في لسان الشرع مرادا به الدين كله الذي جاء به محمد من العقائد والأحكام
لقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقوله تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا
ولقوله بني الإسلام على خمس 000الخ
16 - الإسلام الذي سمي به الدين معناه الانقياد لله تعالى ظاهرا وباطنا والإخلاص له فيهما
لقوله تعالى ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا
ولقوله تعالى بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عنه
(1/35)
ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
ولقوله تعالى فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني
17 - الدين كله انقيادا لله وإخلاص له ولذلك سمي إسلاما
لقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة
18 - ويجيء الإسلام في لسان الشرع أيضا بمعنى الأعمال الظاهرة الدالة بحسب الظاهر على الانقياد والإذعان المبنية على التصديق التام لما جاء في حديث سؤال جبريل عليه السلام قال
يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله الإسلام ان تشهد ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة
(1/36)
وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال جبريل صدقت
رواه مسلم وغيره
19 - ويجيء الاسلام بمعنى الاستسلام في الظاهر دون إيمان في القلب وهذا لا ينفع صاحبه لقوله تعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم
(1/37)
ولحديث سعد
أعطى رسول الله رهطا وسعد جالس فيهم قال فترك رسول الله منهم من لم يعطه وهو اعجبهم إلي فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه
(1/38)
مؤمنا فقال رسول الله أو مسلما
فسكت قليل ثم غلبني ما اعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال رسول الله أو مسلما
فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال رسول الله أو مسلما
إني لأعطي الرجل وغيره أحب الي منه خشية أن يكب في النار على وجهه
رواه مسلم
(1/39)
بيان معنى الإيمان
20 - الإيمان هو التصديق لقوله تعالى وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين
21 - محل الإيمان بمعنى التصديق الجازم هو القلب
لقوله تعالى ولما يدخل الإيمان في قلوبكم إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون
ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه تعالى قال قال رسول الله يدخل الله أهل الجنة الجنة يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النار النار ثم يقول انظروا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خردل من إيمان فأخرجوه رواه مسلم
(1/40)
22 - ويجيء لفظ الإيمان في لسان الشرع مرادا به التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره حلوه ومره
لقوله تعالى آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله
ولحديث سؤال جبريل عليه السلام قال للنبي
أخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر كله خيره وشره حلوه ومره
(1/41)
23 - ويجيء الإيمان في لسان الشرع أيضا مرادا به الأعمال الظاهرة من الأقوال والأفعال المبنية على التصديق واليقين
الحديث وفد عبد القيس قال ابن عباس رضي الله عنهما
أمرهم النبي بالإيمان وحده وقال هل تدرون ما الإيمان
قالوا الله ورسوله اعلم قال شهادة ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وان تؤدوا خمسا من المغنم رواه البخاري ومسلم
24 - قد توارد لفظ الإسلام ولفظ الإيمان على اعتقاد القلب الجازم
(1/42)
واأعمال الظاهرة من قول وغيره المبنية على ذلك الإعتقاد لحديث جبريل المتقدم في تفسير الإسلام وحديث وفد عبد القيس المتقدم في تفسير الإيمان
تحصيل مما تقدم
توارد الإسلام والإيمان على الاعتقاد والنطق والعمل
25 - الدين كله عقد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح الظاهرة والباطنة
وكل واحد من الثلاثة يسمى إيمانا باعتبار ويسمى إسلاما باعتبار آخر
1 - فعقد القلب يسمى إيمانا لأنه تصديق ويسمى إسلاما لأن عقد القلب على الشيء إذعان وخضوع له
2 - ونطق اللسان بالشهادتين يسمى إيمانا لأنه دليل على التصديق ويسمى إسلاما لأنه دليل على الخضوع والانقياد
(1/43)
3 - والزكاة مثلا تسمى إيمانا لأنها مبنية على التصديق وثمرة من ثمراته وتسمى إسلاما لأنها اقياد وإذعان
4 - والحب في الله يسمى إيمانا لأنه مبنى على التصديق وثمرة من ثمراته ويسمى إسلاما لأنه انقياد وإذعان
26 - الإيمان في الوضع الشرعي هو قول باللسان وعمل القلب وعمل الجوارح
فمن استكمل ذلك استكمل الإيمان ومن لم يستكمله لم يستكمل الإيمان
لقوله تعالى إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم
إنما المؤنون الذي آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون
ولقوله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه رواه
(1/44)
الشيخان عن انس
ولقوله لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين
رواه الشيخان عن انس ولقوله الإيمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة فأفضلها قولا لا اله الا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان
(1/45)
رواه الشيخان رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه
27 - الإيمان يزيد وينقص يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقصها
لقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا
ولقوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
ولقوله من رأى منكم منكر فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
(1/46)
رواه الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه
28 - التصديق الذي هو الجزء الأصلي في الإيمان يقوى ويضعف يقوى بالنظر في الآيات الكونية والتدبر في الآيات السمعية والتقرب بالعبادات الشرعية ويضعف بضد ذلك
لقوله تعالى ولكن ليطمئن قلبي ولقوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين
والحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة
(1/47)
من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عو اخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فييمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه رواه مسلم
ولحديث حنظلة الأسيدي رضي الله تعالى عنه وكان من كتاب رسول الله قال لقيني أبو بكر فقال كيف انت يا حنظلة قال قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول
(1/48)
قال قلت نكون عند رسول الله يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا
قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا
فانطلقت انا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله قلت نافق حنظلة يا رسول الله
فقال رسول الله وما ذلك قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالجنة والنار حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا
فقال رسول الله والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ساعة وساعة ساعة وساعة رواه مسلم
(1/49)
29 - من عدم من إيمانه اليقين خرج من دائرة المؤمنين وكان من جملة الكافرين ولو نطق بالشهادتين وعمل اعمال المؤمنين
لقوله تعالى ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا وقوله تعالى إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيل اولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا
وقوله تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
30 - من عدم منه النطق إباية وعنادا لم يكن من المؤمنين وكان من الكافرين
لقوله تعالى وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا
(1/50)
31 - من لم يخضع قلبه لما عرفه من عقائد الإسلام لم تفده تلك المعرفة ولم يكن بها من المسلمين
لقوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون
32 - من ضيع الأعمال لم يخرج من دائرة الإيمان
لقوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
ولحديث أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه
رواه مسلم
33 - من ارتكب المعاصي سمي فاسقا حتى يتوب
(1/51)
لقوله تعالى بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ولقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا واولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم
(1/52)
بيان معنى الإحسان
34 - الإحسان في اللغة الإتيان بما هو حسن والإحسان في الشرع هو الإتيان بالحسنات
والحسنات هي فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات وفعل او ترك المباحات لأنها مباحات مع التصديق بذلك لله تعالى والإخلاص له فيه ومع استحضار رؤية الله تعالى واطلاعه على ظاهره وباطنه
لقوله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا وقوله تعالى بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون
وقوله تعالى
(1/53)
إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين
ولقوله عليه الصلاة و السلام في حديث جبريل عليه السلام لما فسر له النبي الإحسان قال أن تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك رواه البخاري ومسلم
(1/54)
عقائد الإيمان
عقيدة الإيمان بالله
35 - هو الموجود الحق لذاته الذي لا يقبل وجوده العدم فهو القديم الذي لا بدائة لوجوده وهو الباقي الذي لا نهاية لوجوده
لقوله تعالى أفي الله شك فاطر السموات والأرض
ولقوله تعالى الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهار ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وفي الأرض قطع متجاورات
(1/55)
وجنات وأعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ولقوله تعالى ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ولقوله تعالى الحمد لله رب العالمين
وقوله تعالى أم خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون ام خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ام عندهم خزائن ربك ام هم المسيطرون وقوله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
36 - وهو الموجود الذي سبق وجوده كل وجود فكان تعالى وحده ولا شيء معه ثم خلق ما شاء من مخلوقاته
لقوله تعالى هو الأول خلق السموات والأرض وما بينهما
(1/56)
وخلق كل شيء فقدره تقديرا خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم
(1/57)
37 - فهو الغني بذاته عن جميع الموجودات وهي المفتقرة كلها ابتداء ودواما اليه
لقوله تعالى يأيها الناس انت الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد ان يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا قل من يرزقكم من السماء والأرض ام من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فيقولون الله قل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال فأنى تصرفون
أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم
(1/58)
عقيدة الاثبات والتنزيه
38 - نثبت له ما أثبته لنفسه على لسان رسوله من ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله
وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه وننزهه في ذلك عن مماثلة او مشابهة شيء من مخلوقاته
ونثبت الاستواء والنزول ونحوهما ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد
لقوله تعالى ويحذركم الله نفسه تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك
ولحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال يعث رسول الله عشرة منهم خبيب الأنصاري فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه قال
(1/59)
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على اوصال شلو ممزع
فلما قتل هو وأصحابه أخبر النبي أصحابه خبرهم يوم أصيبوا
رواه البخاري
ولقوله تعالى قل ادعوا الله وادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعي فجعله غثاء أحوى فعال لما يريد ويعبدون من دون الله ما
(1/60)
يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وانتم لا تعلمون إنما يامركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على الله مالا تعلمون ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
39 - ولا تحيط العقول بذاته ولا بصفاته ولا بأسمائه
لقوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء
ولقوله لا أحصي ثناء عليك انت كما أثنيت على نفسك ولقوله في دعاء الكرب الله إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او أنزلته في كتابك او
(1/61)
علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي
40 - فمن صفاته تعالى الحياة
لقوله تعالى الله لا إله إلا هو الحي القيوم وقوله تعالى وعنت الوجوه للحي القيوم وتوكل على الحي الذي لا يموت
41 - ومن صفاته تعالى القدرة على إيجاد كل ممكن وإعدامه
لقوله تعالى إن الله على كل شيء قدير وكان الله على كل شيء مقتدرا وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض أنه كان عليما قديرا
42 - ومن صفاته تعالى الإرادة والمشيئة المطلقة في جميع الممكنات فيخصص ما شاء بما شاء
لقوله تعالى فعال لما يريد وقوله تعالى وما تشاؤون الا إن يشاء الله
(1/62)
43 - ومن صفاته تعالى العلم الذي تنكشف له جمع المعلومات من الواجبات والجائزات والمستحيلات فيعلمها على ما هي عليه من الحالات وتستوي عنده الجليات والخفيات
لقوله تعالى وكان الله بكل شيء عليما ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ربنا إنك لتعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء
44 - ومن صفاته تعالى السمع الذي تنكشف به جميع المسموعات
45 - ومن صفاته تعالى البصر تنكشف به جميع المبصرات
لقوله تعالى وكان الله سميعا بصيرا قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله
ولحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال كنا مع النبي في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا تدعون سميعا بصيرا قريبا
رواه البخاري
(1/63)
46 - ومن صفاته تعالى الكلام الذي يدل على جميع المعلومات
لقوله تعالى وكلم الله موسى تكليما
47 - وهو الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله
فلا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في ذاته
ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك به في أسمائه
ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في صفاته
ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في أفعاله
لقوله تعالى لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون وما إتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون
هل من خالق غير الله هل تعلم له سميا ليس كمثله شيء قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
(1/64)
التوحيد العلمي والعملي
48 - التوحيد هو اعتقاد وحدانية الله وإفراده بالعبادة والأول هو التوحيد العلمي والثاني هو التوحيد العملي ولا يكون المسلم مسلما الا بهما
لقوله تعالى قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما اعبد ولا انا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما اعبد لكم دينكم ولي دين
49 - ومن توحيده تعالى توحيده في ربوبيته وهو العلم بان لا خالق غيره ولا مدبر للكون ولا متصرف فيه سواه
لقوله تعالى هل من خالق غير الله ألا له الخلق والأمر يدبر الأمر من السماء الى الأرض
ولقوله لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما
(1/65)
الكتاب : رواية محمد الصالح رمضان
المؤلف : عبد الحميد بن باديس
الناشر : دار الفتح - الشارقة
الطبعة الأولى ، 1995
تحقيق : محمد الصالح رمضان
عدد الأجزاء : 1
العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية - للأستاذ العلامة عبد الحميد بن باديس
(1/1)
افتتاح
الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونعوذ به من شرورانفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمدا عبده ورسوله
اما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
(1/21)
قواعد الإسلام بيان قواعد لإسلام الخمس من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
قال رسول الله بني الإسلام على خمس شهادة ان لا اله الا اله وان محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت
الكلام على القاعدة الأولى وما يتعلق بها
1 - لا نجاة لأحد عند الله تعالى الا بالدخول في الإسلام
لقوله تعالى ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
ولقوله تعالى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون
(1/22)
2 - الإسلام هو دين الله الذي أرسل به جميع رسله
لقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام ولقوله تعالى ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ولقوله تعالى يحكم بها النبيون الذين أسلموا ولقلوه تعالى وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
3 - وما جاء به محمد هو الإسلام الذي لا نجاة لأحد الا بالدخول فيه
لقوله تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
(1/23)
العالمين لا شريك لله وبذلك أمرت وانا أول المسلمين
ولقوله تعالى فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين اوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد
4 - لا يدخل أحد في الإسلام الا بالإيمان بالنبي
لقوله تعالى يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم
ولقوله تعالى قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا اله الا هو يحيى ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون
(1/24)
ولقوله والذي نفسي بيده لا يسمع بي احد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به الا كان من أصحاب النار
رواه مسلم عن أبي هريرة
5 - الدخول في الإسلام والإيمان بالنبي ويكون بشهادة ان لا إله الا الله وان محمد رسول الله
لقول رسول الله لمعاذ بن جبل لما بعثه لليمن إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادتي ان لا اله الا الله وأني رسول الله فإن هم
(1/25)
أطاعوا لذلك فأعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله أفرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد إلى فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب رواه مسلم
6 - اول واجب على المكلف من مسلم بالغ او كافر يريد الدخول في الإسلام ان يعلم ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله لحديث معاذ المتقدم ولحديث وفاة أبي طالب
لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي امية فقال رسول الله
(1/26)
يا عم قل لا إله الا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن امية يا ابا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويعيدان عليه تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى ان يقول لا اله الا الله
(1/27)
ولقوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله
7 - لا يكفي النطق بكلمتي الشهادة إذا كان الناطق بهما لا يفهم أصل معناهما
لقوله في الحديث المقدم أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به
8 - ويكفي للدخول في الاسلام ما دل على معناها
لحديث بني جذيمة قال عبد الله بن عمر
(1/28)
بعث النبي خالد بن الوليد الى بني جذيمة فدعاهم الى الإسلام فلم يحسنوا ان يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي فذكرناه له فرفع النبي يده فقال اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد مرتين رواه البخاري
(1/29)
9 - ولا يكفي النطق بالشهادتين وفهم معناهما الا مع التصديق التام والاعتقاد الجازم به
لقوله تعالى فاعلم انه لا إله الا الله ولقوله تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
10 - من حصل له اليقين بإخبار الرسول كفاه ذلك اليقين لحديث ضمام بن ثعلبة قال أنس رضي الله تعالى عنه
بينما نحن جلوس مع النبي في المسجد إذ دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم علقه ثم قام أيكم محمد قلنا هذا الرجل الأبيض المتكىء
فقال ابن عبد المطلب فقال النبي قد أجبت
(1/30)
فقال إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك قال سل عما بدا لك
فقال أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم قال اللهم نعم
قال أنشدك بالله تعالى آلله أمرك ان تصوم هذا الشهر من السنة قال اللهم نعم
قال أنشدك بالله تعالى آلله أمرك ان تأخذ هذه الصدقة من اغنيائنا فتقسمها على فقرائنا قال اللهم نعم
قال الرجل آمنت بما جئت به وانا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة اخو بني سعد بن بكر
رواه البخاري ومسلم وغيرهما
(1/31)
11 - يجب على المؤمن مع تصديقه وجزمه ان ينظر في آيات الله ويستعمل عقله للفهم كما يجب عليه جميع الواجبات في الإسلام
لقوله تعالى قل انظروا ماذا في السموات والأرض فلينظر الإنسان مم خلق فلينظر الإنسان الى طعامه أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت
(1/32)
12 - النظر الواجب على المكلف هو النظر على الطريقة التي جاء بها القرآن كما في الآيات المتقدمة لقوله تعالى
وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه
13 - من عرضت له شبهة وجب عليه ان يبادر الى إزالتها بالنظر بنفسه او بسؤال غيره من أهل العلم لقوله تعالى وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ولقوله تعالى فإن كنت في شك مما انزلنا عليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ولقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
14 - من وردت على قلبه خطرات من دون شبهة فليستعذ بالله وليقل آمنت بالله ورسوله
ولقوله تعالى
(1/33)
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم
ولحيث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ومن طريق آخر فليقل أمنت بالله ورسله
(1/34)
بيان معنى الإسلام
15 - يجيء لفظ الإسلام في لسان الشرع مرادا به الدين كله الذي جاء به محمد من العقائد والأحكام
لقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقوله تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا
ولقوله بني الإسلام على خمس 000الخ
16 - الإسلام الذي سمي به الدين معناه الانقياد لله تعالى ظاهرا وباطنا والإخلاص له فيهما
لقوله تعالى ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا
ولقوله تعالى بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عنه
(1/35)
ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
ولقوله تعالى فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني
17 - الدين كله انقيادا لله وإخلاص له ولذلك سمي إسلاما
لقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة
18 - ويجيء الإسلام في لسان الشرع أيضا بمعنى الأعمال الظاهرة الدالة بحسب الظاهر على الانقياد والإذعان المبنية على التصديق التام لما جاء في حديث سؤال جبريل عليه السلام قال
يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله الإسلام ان تشهد ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة
(1/36)
وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال جبريل صدقت
رواه مسلم وغيره
19 - ويجيء الاسلام بمعنى الاستسلام في الظاهر دون إيمان في القلب وهذا لا ينفع صاحبه لقوله تعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم
(1/37)
ولحديث سعد
أعطى رسول الله رهطا وسعد جالس فيهم قال فترك رسول الله منهم من لم يعطه وهو اعجبهم إلي فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه
(1/38)
مؤمنا فقال رسول الله أو مسلما
فسكت قليل ثم غلبني ما اعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال رسول الله أو مسلما
فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال رسول الله أو مسلما
إني لأعطي الرجل وغيره أحب الي منه خشية أن يكب في النار على وجهه
رواه مسلم
(1/39)
بيان معنى الإيمان
20 - الإيمان هو التصديق لقوله تعالى وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين
21 - محل الإيمان بمعنى التصديق الجازم هو القلب
لقوله تعالى ولما يدخل الإيمان في قلوبكم إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون
ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه تعالى قال قال رسول الله يدخل الله أهل الجنة الجنة يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النار النار ثم يقول انظروا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خردل من إيمان فأخرجوه رواه مسلم
(1/40)
22 - ويجيء لفظ الإيمان في لسان الشرع مرادا به التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره حلوه ومره
لقوله تعالى آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله
ولحديث سؤال جبريل عليه السلام قال للنبي
أخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر كله خيره وشره حلوه ومره
(1/41)
23 - ويجيء الإيمان في لسان الشرع أيضا مرادا به الأعمال الظاهرة من الأقوال والأفعال المبنية على التصديق واليقين
الحديث وفد عبد القيس قال ابن عباس رضي الله عنهما
أمرهم النبي بالإيمان وحده وقال هل تدرون ما الإيمان
قالوا الله ورسوله اعلم قال شهادة ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وان تؤدوا خمسا من المغنم رواه البخاري ومسلم
24 - قد توارد لفظ الإسلام ولفظ الإيمان على اعتقاد القلب الجازم
(1/42)
واأعمال الظاهرة من قول وغيره المبنية على ذلك الإعتقاد لحديث جبريل المتقدم في تفسير الإسلام وحديث وفد عبد القيس المتقدم في تفسير الإيمان
تحصيل مما تقدم
توارد الإسلام والإيمان على الاعتقاد والنطق والعمل
25 - الدين كله عقد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح الظاهرة والباطنة
وكل واحد من الثلاثة يسمى إيمانا باعتبار ويسمى إسلاما باعتبار آخر
1 - فعقد القلب يسمى إيمانا لأنه تصديق ويسمى إسلاما لأن عقد القلب على الشيء إذعان وخضوع له
2 - ونطق اللسان بالشهادتين يسمى إيمانا لأنه دليل على التصديق ويسمى إسلاما لأنه دليل على الخضوع والانقياد
(1/43)
3 - والزكاة مثلا تسمى إيمانا لأنها مبنية على التصديق وثمرة من ثمراته وتسمى إسلاما لأنها اقياد وإذعان
4 - والحب في الله يسمى إيمانا لأنه مبنى على التصديق وثمرة من ثمراته ويسمى إسلاما لأنه انقياد وإذعان
26 - الإيمان في الوضع الشرعي هو قول باللسان وعمل القلب وعمل الجوارح
فمن استكمل ذلك استكمل الإيمان ومن لم يستكمله لم يستكمل الإيمان
لقوله تعالى إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم
إنما المؤنون الذي آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون
ولقوله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه رواه
(1/44)
الشيخان عن انس
ولقوله لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين
رواه الشيخان عن انس ولقوله الإيمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة فأفضلها قولا لا اله الا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان
(1/45)
رواه الشيخان رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه
27 - الإيمان يزيد وينقص يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقصها
لقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا
ولقوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
ولقوله من رأى منكم منكر فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
(1/46)
رواه الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه
28 - التصديق الذي هو الجزء الأصلي في الإيمان يقوى ويضعف يقوى بالنظر في الآيات الكونية والتدبر في الآيات السمعية والتقرب بالعبادات الشرعية ويضعف بضد ذلك
لقوله تعالى ولكن ليطمئن قلبي ولقوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين
والحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة
(1/47)
من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عو اخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فييمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه رواه مسلم
ولحديث حنظلة الأسيدي رضي الله تعالى عنه وكان من كتاب رسول الله قال لقيني أبو بكر فقال كيف انت يا حنظلة قال قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول
(1/48)
قال قلت نكون عند رسول الله يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا
قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا
فانطلقت انا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله قلت نافق حنظلة يا رسول الله
فقال رسول الله وما ذلك قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالجنة والنار حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا
فقال رسول الله والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ساعة وساعة ساعة وساعة رواه مسلم
(1/49)
29 - من عدم من إيمانه اليقين خرج من دائرة المؤمنين وكان من جملة الكافرين ولو نطق بالشهادتين وعمل اعمال المؤمنين
لقوله تعالى ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا وقوله تعالى إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيل اولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا
وقوله تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
30 - من عدم منه النطق إباية وعنادا لم يكن من المؤمنين وكان من الكافرين
لقوله تعالى وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا
(1/50)
31 - من لم يخضع قلبه لما عرفه من عقائد الإسلام لم تفده تلك المعرفة ولم يكن بها من المسلمين
لقوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون
32 - من ضيع الأعمال لم يخرج من دائرة الإيمان
لقوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
ولحديث أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه
رواه مسلم
33 - من ارتكب المعاصي سمي فاسقا حتى يتوب
(1/51)
لقوله تعالى بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ولقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا واولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم
(1/52)
بيان معنى الإحسان
34 - الإحسان في اللغة الإتيان بما هو حسن والإحسان في الشرع هو الإتيان بالحسنات
والحسنات هي فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات وفعل او ترك المباحات لأنها مباحات مع التصديق بذلك لله تعالى والإخلاص له فيه ومع استحضار رؤية الله تعالى واطلاعه على ظاهره وباطنه
لقوله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا وقوله تعالى بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون
وقوله تعالى
(1/53)
إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين
ولقوله عليه الصلاة و السلام في حديث جبريل عليه السلام لما فسر له النبي الإحسان قال أن تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك رواه البخاري ومسلم
(1/54)
عقائد الإيمان
عقيدة الإيمان بالله
35 - هو الموجود الحق لذاته الذي لا يقبل وجوده العدم فهو القديم الذي لا بدائة لوجوده وهو الباقي الذي لا نهاية لوجوده
لقوله تعالى أفي الله شك فاطر السموات والأرض
ولقوله تعالى الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهار ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وفي الأرض قطع متجاورات
(1/55)
وجنات وأعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ولقوله تعالى ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ولقوله تعالى الحمد لله رب العالمين
وقوله تعالى أم خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون ام خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ام عندهم خزائن ربك ام هم المسيطرون وقوله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
36 - وهو الموجود الذي سبق وجوده كل وجود فكان تعالى وحده ولا شيء معه ثم خلق ما شاء من مخلوقاته
لقوله تعالى هو الأول خلق السموات والأرض وما بينهما
(1/56)
وخلق كل شيء فقدره تقديرا خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم
(1/57)
37 - فهو الغني بذاته عن جميع الموجودات وهي المفتقرة كلها ابتداء ودواما اليه
لقوله تعالى يأيها الناس انت الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد ان يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا قل من يرزقكم من السماء والأرض ام من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فيقولون الله قل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال فأنى تصرفون
أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم
(1/58)
عقيدة الاثبات والتنزيه
38 - نثبت له ما أثبته لنفسه على لسان رسوله من ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله
وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه وننزهه في ذلك عن مماثلة او مشابهة شيء من مخلوقاته
ونثبت الاستواء والنزول ونحوهما ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد
لقوله تعالى ويحذركم الله نفسه تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك
ولحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال يعث رسول الله عشرة منهم خبيب الأنصاري فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه قال
(1/59)
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على اوصال شلو ممزع
فلما قتل هو وأصحابه أخبر النبي أصحابه خبرهم يوم أصيبوا
رواه البخاري
ولقوله تعالى قل ادعوا الله وادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعي فجعله غثاء أحوى فعال لما يريد ويعبدون من دون الله ما
(1/60)
يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وانتم لا تعلمون إنما يامركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على الله مالا تعلمون ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
39 - ولا تحيط العقول بذاته ولا بصفاته ولا بأسمائه
لقوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء
ولقوله لا أحصي ثناء عليك انت كما أثنيت على نفسك ولقوله في دعاء الكرب الله إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او أنزلته في كتابك او
(1/61)
علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي
40 - فمن صفاته تعالى الحياة
لقوله تعالى الله لا إله إلا هو الحي القيوم وقوله تعالى وعنت الوجوه للحي القيوم وتوكل على الحي الذي لا يموت
41 - ومن صفاته تعالى القدرة على إيجاد كل ممكن وإعدامه
لقوله تعالى إن الله على كل شيء قدير وكان الله على كل شيء مقتدرا وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض أنه كان عليما قديرا
42 - ومن صفاته تعالى الإرادة والمشيئة المطلقة في جميع الممكنات فيخصص ما شاء بما شاء
لقوله تعالى فعال لما يريد وقوله تعالى وما تشاؤون الا إن يشاء الله
(1/62)
43 - ومن صفاته تعالى العلم الذي تنكشف له جمع المعلومات من الواجبات والجائزات والمستحيلات فيعلمها على ما هي عليه من الحالات وتستوي عنده الجليات والخفيات
لقوله تعالى وكان الله بكل شيء عليما ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ربنا إنك لتعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء
44 - ومن صفاته تعالى السمع الذي تنكشف به جميع المسموعات
45 - ومن صفاته تعالى البصر تنكشف به جميع المبصرات
لقوله تعالى وكان الله سميعا بصيرا قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله
ولحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال كنا مع النبي في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا تدعون سميعا بصيرا قريبا
رواه البخاري
(1/63)
46 - ومن صفاته تعالى الكلام الذي يدل على جميع المعلومات
لقوله تعالى وكلم الله موسى تكليما
47 - وهو الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله
فلا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في ذاته
ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك به في أسمائه
ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في صفاته
ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في أفعاله
لقوله تعالى لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون وما إتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون
هل من خالق غير الله هل تعلم له سميا ليس كمثله شيء قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
(1/64)
التوحيد العلمي والعملي
48 - التوحيد هو اعتقاد وحدانية الله وإفراده بالعبادة والأول هو التوحيد العلمي والثاني هو التوحيد العملي ولا يكون المسلم مسلما الا بهما
لقوله تعالى قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما اعبد ولا انا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما اعبد لكم دينكم ولي دين
49 - ومن توحيده تعالى توحيده في ربوبيته وهو العلم بان لا خالق غيره ولا مدبر للكون ولا متصرف فيه سواه
لقوله تعالى هل من خالق غير الله ألا له الخلق والأمر يدبر الأمر من السماء الى الأرض
ولقوله لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما
(1/65)